الشخصية من هذا النطاق المبني عليه ، إذ نجد اسمه في كثير من الأحداث السياسية التي جرت خلال عصره ، إن لم يكن طرفاً مؤثّراً في أحداثها ، نجده طرفاً معنيّاً يشار له ، من جانب آخر حاول حميد بن مسلم من خلال بعض مرويّاته التي ذكرتها المصادر وبالأخصّ الطبري ، نراه يقف موقفاً حياديّاً ، أو يبعد نفسه عن كلّ شبهة قد تلصق له من قبل المؤرّخين ، بل نجده يبرّر ، أو يرفض بعض الأعمال التي انتهجها البعض خلال مسيرة المعركة ، محاولاً تسجيل لنفسه مواقف إيجابيه اتّجاه ما جرى في هذه الواقعة ، لكن هذا لا يعفيه عن دوره التاريخي السلبي اتّجاه هذه الأحداث ، وحتّى عملية انضمامه إلى التوّابين لا يمكن عداده من التوّابين المناهضين ، أو جزء من تحرّكاتهم ضدّ الأمويّين ، بل نراه يقف موقف المتفرّج الناقل للأحداث ليس إلاّ ، وعلى الرغم من انحياز حميد إلى المختار لكنّ هذا الأمر لم ينفع في تبرئته من إثم المشاركة في كربلاء ، أن تغاضى عنه لبرهة من الوقت ، لكن أصبح فيما بعد من المطلوبين الأمر الذي دعاه إلى الهروب من الكوفة والتخفّي خشية الملاحقة والقتل.
وختاماً مقولة الإمام الحسين عليهالسلام شخّصت مصير الرجل بقوله : «فو الذي نفس الحسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلاّ كبّه الله لوجهه في جهنّم»(١).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أمالي الصدوق : ١٣٧ ، تاريخ الطبري ٤/٣٠٨ ، ينابيع المودّة لذوي القربى ٣/٦٣.