ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهض ليؤدّي ما عليه نحو الدين والعلم فأخرج للناس كتباً نفيسة كانت كالمرآة الصافية التي يرى فيها المسلمون وغير المسلمين تاريخ الإسلام على أجمل صوره في أوّل أدواره ، ذلكم هو الأستاذ (مرتضى العسكري) فقد أخرج لنا ـ مِن قَبْلُ ـ كتاب (عبدالله بن سبأ) أثبت فيه بالأدلّة القاطعة ، والبراهين الساطعة ، أنّ هذا الإسم لم يكن له وجود ، وأنّ السياسة (لعنها الله) هي التي ابتدعت هذا الإسم لتجعله من أسباب تشويه وجه التاريخ ، وبيَّن أنّ شيخ المؤرّخين في نظر العلماء وهو الطبري قد جعل جلّ اعتماده في تاريخه ورواياته على رجل أجمع الناس على تكذيبه. ومن الغريب أنّ جميع المؤرِّخين الذين جاؤوا بعد الطبري قد نقلوا عن ابن جرير كلّ رواياته بغير تمحيص ولا نقد ، وهذا الرجل الكذّاب هو : سيف ابن عمر التيمي.
وأردف العلاّمة مؤلّف هذا الكتاب النفيس بكتاب آخر أكثر منه نفاسة هو كتاب (أحاديث عائشة) وقد تناول في هذا الكتاب تاريخ هذه السيّدة لا كما جاء من ناحية السياسة والهوى والعصبية ، ولكنّ من أفق الحقيقة التي لا ريب فيها ، وكتبه بقلم نزيه يرعى حرمة العلم وحقّ الدين. لا يخشى في الله لومة لائم.
أشار الأستاذ في تمهيده لكتابه إلى ما في الأحاديث التي نسبت إلى النبيّ(ص) من اختلاف بين حديث وآخر ، وبين بعض تلك الأحاديث ، وآي من القرآن الكريم ممّا كان مثار الطعن والنقد إلى النبيّ من أعداء الإسلام.
ثمّ بيَّن أنّ هذه الأحاديث إن هي إلاّ مجموعات مختلفة رويت عن رواة مختلفين ، وعلى الباحث العالم النزيه أن يقوم بتصنيفها نسبة إلى رواتها... ثمَّ يدرّس أحاديث كلّ منهم على حدة ، وبخاصّة أحاديث الرواة المكثرين أمثال : عائشة ، وأبي هريرة ، وأنس ، وابن عمر ، مع دراسة حياة راويها ، وبيئته وظروفه ، ثمَّ مضى يقول :
إنّ التاريخ الإسلامي منذ بعثة الرسول حتّى بيعة يزيد بن معاوية لا يفهم [فهماً] صحيحاً إلاّ بعد دراسة أحاديث أُمّ المؤمنين دراسةً موضوعيةً.
ولأنّ الأستاذ المؤلّف بصدد البحث عن التاريخ الإسلامي في دوره الأوّل فقد قدّم هذه الدراسة على غيرها من الدراسات.
وبعد أن بيَّن صعوبة هذه الدراسة لما يجد في سبيلها من عقبات متعدّدة أخذ في