تقدّم الحديث عنه(١).
ثمّ إنّ الشريف المرتضى قد ركّز على نقطة مهمّة من وجهة نظره ، وهي نفي المعرفة عن الكفّار ، فقد ذهب إلى أنّ الكفّار غير عارفين بالله تعالى ؛ وذلك لأنّ المعرفة إيمانٌ ، ويُستحَقّ عليها الثواب الدائم ، بينما الكفر يُستحَقّ عليه العقاب الدائم ، ولا يمكن اجتماع الثواب والعقاب الدائميّين كما تقدّم ، أي إنّ المنكرين للنبوّة مثلاً لا يمكن أن يكونوا عارفين بالله تعالى ؛ لأنّ إنكار النبوّة كفر ، ومعرفة الله إيمان.
ولهذا لا يصحّ أن يقال : إنّ هؤلاء الكفّار ينظرون في أدلّة إثبات وجوده تعالى كما ننظر فيها نحن ، فتحصل عندهم المعرفة به تعالى ؛ لا يقال هذا ؛ لأنّنا لا نعلم يقيناً أنّهم ينظرون في أدلّتنا ، ولو فرضنا أنّهم نظروا فيها ، فلا نعلم أنّه قد توفّرت عندهم جميع الشروط لتحقّق المعرفة ؛ إذ لعلّ بعض الشروط اللاّزمة لتحقّق المعرفة غير موجودة عندهم ، ولو سملّنا بحصول المعرفة لبعض الكفّار ، لكنّهم سوف لن يستحقّوا الثواب على هذه المعرفة ؛ لأنّ الثواب إنّما يُستحَقّ إذا فُعل الفعل لوجه وجوبه ، لا لوجه آخر كالرياء والسمعة(٢).
وقريبٌ من هذا الكلام قولُ الشيخ المفيد : «لا طاعة من كافر ؛ لأنّه لا
__________________
(١) انظر مصادر الهامشيَن السابقين.
(٢) المصدر السابق (جوابات المسائل الرسّية الأولى والثانية) ، ج٢ ، ص٣٢٨ ـ ٣٢٩ ، ٣٩١.