الموزون بالذكر دون المكيل لأنّ المكيل ينتهي إلى الوزن وأيضاً في الوزن معنى الكيل ، فخصّ بالذكر لاشتماله على معنى الكيل ، والوجه عن ما قاله ، وإنّما أراد تعالى بالموزون المقدّر الواقع تحت الحاجة ، فلا يكون ناقصاً ، ولا زائداً عليها كقولهم : كلام فلان موزون وأفعاله موزونة مقدّرة ، قال مالك الفزاري(١) :
وَحَديث ألَذُّه(٢) هُوَ مِمّا |
|
يَشتَهِي النَّاعِتُونَ يُوزَنُ وَزنا |
مَنطِقٌ صَائِبٌ وَتَلحَنُ أحيا |
|
ناً وَخَيرُ الحَديثِ ما كانَ لَحنا |
قوله : وتلحن أحياناً ، فلم يرد اللحن في الإعراب الذي هو ضدّ الصواب ، وإنّما أراد الكناية عن الشيء والتعريض بذكره والعدول عن الإفصاح عنه على معنى قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ الْقَوْل)(٣).
وقيل : اللحن هنا الفطنة وسرعة الفهم ومنه قوله عليهالسلام : «لعلّ أحدَكم أن يكونَ ألحنَ(٤) بحجّته»(٥) ، أي أفطن لها وأغوص عليها ، وقد ظنّ
__________________
(١) هو مالك بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري ، أبو الحسن. (ت ١٠٠ هـ).
(٢) م : (أكده).
(٣) محمّد : ٣٠.
(٤) م : (اللحن) ، والصحيح ما أثبتناه.
(٥) والحديث لرسول الله (ص) في (معاني الأخبار : ٢٧٩) وغيره من كتب الحديث ، نصّ كامله : (وَاخْتَصَمَ رَجُلانِ إِلَى النَّبِيِّ فِي مَوَارِيثَ وَأَشْيَاءَ قَدْ دَرَسَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ ص لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْض فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءء مِنْ حَقِّ أَخِيهِ