فهو مهذّب النفس يخشى الله ويتذكّره ويخشى العقاب والعذاب ، ولم يكن ليطلب مراماً ، وكلّما سرنا في ديوانه نراه يزوّدنا بالوعظ والزهد وذمّ الدنيا ، وبأشعار إيمانية في التوكّل على الله والاعتبار والحكمة وتهذيب النفس ، وأروع ما قاله رحمه الله في تهذيب النفس قصيدته التي ملئت حكماً ولا ميّته التي عندما قرأتها ظننت أنّه اقتبسها من لامية العجم للطّغرائي وذلك لما فيها من تشابه في اقتباس المعاني وسرد المفردات ، فلمّا قصدت تاريخ ولادتهما ووفاتهما رحمهما الله رأيت أنّ الطغرائي ولد بعد وفاة الشريف المرتضى بتسع عشرة عام وذلك حيث إنّ وفاة الشريف المرتضى سنة (٤٣٦هـ) ومولد الطغرائي سنة (٤٥٥هـ) هناك ازددت إعجاباً بشاعريّة الشريف المرتضى وعلمت أنّه ممَّن يعوّل عليه الشعراء ويتّخذون شعره مصدراً ومرجعاً يعتمدون عليه ويستمدّون منه ، ويا للعجب أنّ لاميّة الطغرائي قد بلغت شهرتها الآفاق ولكن لاميّة شريفنا المرتضى لم نطّلع عليها خُبْراً ولم نعرف لها أثراً ولم نسمع لها ذكراً ، وها هي لاميّة سيّدنا المرتضى أذكر بعض أبياتها :
لا تقطعنّ رجاءَ العيش بالعللِ |
|
فالعمرُ أقصرُ أوقاتاً من الشُغُلِ |
وما السرور على خلق بمتّئد |
|
وما النّعيم على الدنيا بمتّصلِ |
قضى الزمان بأن يبتزّ نحلته |
|
ما يبرم الصّبحُ تعريه يد الطفلِ |
أقول إذ لامني في الحبِّ جاهله |
|
لو كنت لاقيت ما ألقاه لم تقلِ |
خفِّض عليك فإنّي غير منعطف |
|
على ملام ولا مصغ إلى عذلِ |
وشافع الحبّ لا تنفكُّ طاعته |
|
أدنى إلى النفس من همٍّ إلى جَذَلِ |