وكذلك من أساتذته في الشعر والأدب هو عليّ أبو عبيد الله المرزباني (ت ٩٩٤هـ) صاحب معجم الشعراء والموشَّح وغيرها ، وإنّ أكثر روايات المرتضى في كتابه الأمالي عنه(١) ، حيث كان راوية للأخبار والآداب والشعر ، ومنهم أيضاً أبو علي الفارسي ، فهؤلاء هم حصون الأدب العربي ومناهله وجهابذته وفطاحله الذين اقتبس منهم الشريف المرتضى وارتشف من معينهم وانتهل ، وهكذا أصبح المرتضى ترجماناً من ترجماني الشعر والأدب ، حيث نشأ شاعراً عالماً بفنون اللغة العربية وعلومها وآدابها ، من تصاريفها الفعلية وقواعدها النحوية ومعاني مفرداتها وبيانها وبديعها من فصاحة وبلاغة ، كما كان ملمّاً بأنساب العرب وقبائلها ووقائعها وأيّامها ، وكلّ هذه الأمور لائحة معالمها في ديوانه ، واضحة مفاهيمها في بيانه ، ممّا تزيد القارئ إعجاباً بجزالة الألفاظ والمعاني وتشدُّ الخبير إليها طلاباً لما يدركه من قوّة التعبير والمباني ، فلولا اشتغاله بالعلوم التي خاض غمارها محتملا أوقارها ومحتوياً أسرارها حتّى ساد أخيارَها وأبرارها لقيل فيه كما قيل في الكميت بن زيد «ذاك هو أشعر الأوّلين والآخرين»(٢) ، وإن لم يقلّ عنه وعن سائر الشعراء معرفةً وعلماً وقدراً وغزارة وجزالة وأخذاً برقاب القوافي ، فهو الأديب اللّوذعي والشاعر الألمعي دونه أبو العلاء المعرّي والأصمعي ، وقد جارى الشعراء صناعة وصياغةً فأبهرهم في البيان فصاحةً وبلاغة ، فلا بِدعَ إن قلنا
__________________
(١) الانتصار : ٢٤.
(٢) أنظر : الغدير : ٢ / ١٩٦.