عليكم العدوّ وأنتم في الصّلاة.
ثمّ لمّا كان في إيجاب الحذر مجال توهّم القوّة والشّوكة للكفّار ، دفعه الله تعالى بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ أَعَدَّ﴾ وهيّأ ﴿لِلْكافِرِينَ عَذاباً﴾ من القتل والأسر والخزي في الدنيا ، ومن النّار في الآخرة ، ويكون ذلك العذاب ﴿مُهِيناً﴾ ومذلّا لهم لتكبّرهم عن الانقياد لله وطاعة الرّسول. وفيه بشارة للمؤمنين بنصرتهم ، وخذلان الكفّار على أيّ حال.
في كيفية صلاة الخوف وأنواعها
عن القمّي رحمهالله : نزلت لمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الحديبية يريد مكّة ، فلمّا وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس يستقبل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فكان يعارض رسول الله صلىاللهعليهوآله (١) على الجبال ، فكان في بعض الطّريق وحضرت صلاة الظّهر فأذّن بلال وصلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالنّاس ، فقال خالد بن الوليد : لو كنّا حملنا عليهم وهم في الصّلاة أصبناهم ، فإنّهم لا يقطعون الصّلاة ، ولكن يجيء لهم الآن صلاة اخرى هي أحبّ إليهم من ضياء أبصارهم ، فإذا دخلوا فيها حملنا عليهم ، فنزل جبرئيل بصلاة الخوف بهذه الآية ، ففرق رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه فرقتين ؛ فوقف بعضهم تجاه العدوّ وقد أخذوا سلاحهم ، وفرقة صلّوا مع رسول الله قياما (٢) ، ومرّوا فوقفوا مواقف أصحابهم ، وجاء اولئك الّذين لم يصلّوا فصلّى بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله الرّكعة الثانية ولهم الاولى ، وقعد رسول الله ، وقام أصحابه فصلّوا هم الرّكعة الثانية ، وسلّم عليهم (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام (٤) : « أنّها نزلت في غزوة ذات الرّقاع صلاة الخوف ، ففرّق أصحابه فرقتين ؛ أقام فرقة بإزاء العدوّ ، وفرقة خلفه ، فكبّر وكبّروا ، وقرأ وأنصتوا ، وركع وركعوا ، وسجد وسجدوا ، ثمّ استمرّ (٥) رسول الله صلىاللهعليهوآله قائما ، وصلّوا لأنفسهم ركعة ، ثمّ سلّم بعضهم على بعض ، ثمّ خرجوا إلى أصحابهم وقاموا بإزاء العدوّ ، وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله ، فصلّى بهم ركعة ، ثمّ تشهّد وسلّم عليهم ، فقاموا وصلّوا لأنفسهم ركعة ، ثمّ سلّم بعضهم على بعض » (٦) .
وعنه عليهالسلام أنّه سئل عن صلاة الخوف ، قال : « يقوم الإمام وتجيء طائفة من أصحابه فيقومون خلفه ، وتقوم طائفة بإزاء العدوّ ، فيصلّي بهم الإمام ركعة ثمّ يقوم ويقومون [ معه ] فيمثل قائما ، ويصلّون هم الرّكعة الثّانية ، ثمّ يسلّم بعضهم على بعض ، ثمّ ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ، ويجيء الآخرون فيقومون خلف الإمام ، فيصلّي بهم الرّكعة الثّانية ، ثمّ يجلس الإمام ، فيقومون هم فيصلّون
__________________
(١) ( فكان ... رسول الله صلىاللهعليهوآله ) ليس في المصدر.
(٢) في النسخة : قائما.
(٣) تفسير القمي ١ : ١٥٠ ، تفسير الصافي ١ : ٤٥٧.
(٤) في النسخة : ابن عباس رضى الله عنه.
(٥) في الكافي : استتم.
(٦) الكافي ٣ : ٤٥٦ / ٢ ، تفسير الصافي ١ : ٤٥٧.