يَهْتَدُونَ سَبِيلاً﴾ ولا يعرفون طريقا.
في معنى المستضعف
روي أنّه بعث النبيّ صلىاللهعليهوآله بهذه الآية إلى مسلمي مكّة ، فقال جندب بن ضمرة (١) لبنيه : احملوني فإنّي لست من المستضعفين ، ولا إنّي لا أهتدي الطّريق ، والله لا أبيت اللّيلة بمكّة ، فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة ، وكان شيخا كبيرا ، فمات في الطريق (٢) .
قيل : إن الاستثناء منقطع ، لعدم دخول المستضعفين في ﴿ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾(٣) .
وقيل : إنّ ضمّ الولدان إلى الرّجال والنّساء ، مع عدم كونهم مكلّفين ، للمبالغة في إيجاب الهجرة ، أو للإشعار بأنّه يجب على أوليائهم أن يهاجروا بهم (٤) .
عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن المستضعفين ؟ فقال : « البلهاء في خدرها ، والخادمة تقول لها : صلّي فتصلّي ، لا تدري إلّا ما قلت لها ، والجليب الذي لا يدري إلّا ما قلت له ، والكبير الفاني (٥) ، والصغير»(٦) .
قيل : الجليب : الذي يجلب من بلد إلى آخر (٧) .
وعنه عليهالسلام أنّه سئل من هم ؟ قال : « قال نساؤكم وأولاكم » ثمّ قال : « أ رأيت امّ أيمن ؟ فإني أشهد أنّها من أهل الجنّة ، وما كانت تعرف ما أنتم عليه » (٨) .
وعنه عليهالسلام : « هو الذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عنه الكفر ، ولا يهتدي سبيلا إلى الإيمان ، لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر » قال : « الصّبيان ، ومن كان من الرّجال والنّساء على مثل عقول الصّبيان » (٩) .
﴿فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩)﴾
﴿فَأُولئِكَ﴾ المستضعفون ﴿عَسَى اللهُ﴾ ويرجى منه ﴿أَنْ يَعْفُوَ﴾ ويصفح ﴿عَنْهُمْ﴾ وفي التّعبير عن عدم استحقاقهم العقوبة بالعفو عنهم ، إشارة إلى مبغوضيّة عدم الهجرة في نفسه ، وإن كانوا معذورين فيه.
ثمّ قرّر سبحانه وتعالى العفو عنهم بقوله : ﴿وَكانَ اللهُ عَفُوًّا﴾ وصفوحا عن المعاصي ﴿غَفُوراً﴾ وستّارا للذّنوب.
﴿وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ
__________________
(١) في النسخة : جندب بن مغيرة ، تصحيف ، انظر : اسد الغابة ١ : ٣٠٣.
(٢) تفسير الرازي ١١ : ١٣.
(٣) النساء : ٤ / ٩٧.
(٤) تفسير أبي السعود ٢ : ٢٢٣.
(٥) زاد في تفسير العياشي : والصبي.
(٦) تفسير العياشي ١ : ٤٣٥ / ١٠٩٥ ، تفسير الصافي ١ : ٤٥٤.
(٧) تفسير الصافي ١ : ٤٥٥.
(٨) الكافي ٢ : ٢٩٨ / ٦ ، تفسير الصافي ١ : ٤٥٤.
(٩) الكافي ٢ : ٢٩٧ / ٣ ، تفسير الصافي ١ : ٤٥٤.