فإذا نفينا الوجود القبلي بالأصل ، وقطعنا بالوجود البعدي تحقق معنى التأخر شئنا أم أبينا. ونحن لا ننفي الموضوع المركب لأنه متين في حبكه وغزله ، ولكن نتساءل : هل الشريعة الاسلامية وأحكامها السهلة السمحة التي ينهل منها كل ظامئ ـ تقوم على هذا الغوص والعمق الذي لا يبلغه إلا الأنصاري ومن هو في ثقله علما وعقلا؟.
الحادثان
إذا علمنا بحدوث حادثين كموت الوارث والمورث ، وشككنا في تقدم أحدهما على الآخر ، إذا كان هذا ونحوه فلا أحد يقول : الأصل تقدم أحدهما المعين أو تأخره أو مقارنته فيما يحتمل فيه التقارن حيث لا علم سابق بوصف من هذه الأوصاف الثلاثة ، بالإضافة الى أن أصل تقدم موت هذا على ذاك معارض بأصل تقدم موت ذاك على هذا. ولكن ، هناك أصل آخر ، وهو عدم وجود كل من الحادثين إلى زمان وجود الحادث الثاني ، فهل يمكن الاعتماد عليه أولا؟. فيه تفصيل كالآتي.
كلا الحادثين مجهول التاريخ
١ ـ أن نجهل تاريخ كل منهما ومبدأ حدوثه ، والحكم فيهما قبل كل شيء أن ننظر : هل لأحدهما أثر شرعي دون الآخر ، أو لكل منهما أثر شرعي يتبعه ويترتب عليه ، فإن كان الأثر لواحد فقط جرى فيه استصحاب عدم وجوده إلى زمان القطع بوجوده ، ولا يجري الأصل في الأبتر وعديم النفع كي يعارض صاحب الأثر ، وان كان لكل منهما أثره الشرعي يجري الاصل فيهما معا ، ويتساقطان بالمعارضة والممانعة.
فالاثر لموت المورث تقسيم التركة ، والاثر لموت الوارث بعد موت المورث استحقاقه في الميراث ، واستصحاب عدم موت المورث إلى الوقت المعلوم كي يرث الوارث على فرض حياته في هذا الوقت ، معارض باستصحاب عدم موت الوارث الى الوقت الذي نقطع فيه بموته ونحتمل بأن موته كان مقارنا لموت المورث