طاعة الله والحرص على مرضاته يحتاج إلى شاهد ودليل؟. واشتهر بين الفقهاء قديما وحديثا : «الاحتياط حسن على كل حال» أي حتى مع الأمن والأمان وقيام الحجة والبرهان فكيف مع الشبهة والالتباس؟. ومن احاديث التقوى والورع : «أروع الناس من وقف عند الشبهات».
في العبادة
وتسأل : لا ريب في ذلك ، ولكن قد تكون عملية الاحتياط في العبادة ممكنة فتحسن ، كما لو علم المكلف بطلبها ، وشك في أنه على سبيل الوجوب أو الندب ، فيقصد نفس الطلب بصرف النظر عن جهته ـ على أن قصد الوجه لا دليل عليه ـ اما مع الشك في أصل الطلب ووجود الأمر بالعبادة فيتعذر الاحتياط بها ، لأن قصد الأمر ركن ركين في العبادة ، وقصده يتوقف على العلم به تفصيلا أو اجمالا أو بالظن المعتبر ، والمفروض لا شيء من ذلك ، واذن فلا موضوع للاحتياط ، وتشريعه في العبادة ، وهذي هي الحال ، بدعة وضلالة؟.
والأنصاري على هذا الرأي ، وما قلناه شرح وتفسير لعبارته ، وهذا نصها بالحرف : «الأقوى العدم ، لأن العبادة لا بد فيها من نية التقرب المتوقفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو اجمالا أو الظن المعتبر».
الجواب :
ذكروا لهذا السؤال أو الإشكال العديد من الأجوبة ، منها ـ على سبيل المثال ـ ان المكلف يتقرب إلى الله سبحانه بنفس الأمر الذي تعلق بالاحتياط مباشرة الثابت بحديث «احتط لدينك». وهذا الجواب لا يدفع الإشكال ، لأن الأمر بالاحتياط كالأمر بالتقوى كلاهما إرشاد إلى حكم العقل بالطاعة. ولا يتحقق التقرب ويتم إلا بقصد التقرب اليه بطاعة أمره المولوي.
وأقرب الاجابات إلى الفهم ما قاله النائيني بأن للامتثال أربع صور على الترتيب دون التخيير : أولها الامتثال بالعلم التفصيلي ، ومع العجز عنه يمتثل المكلف بالعلم الإجمالي ، فإن تعذر فبالظن ، وإلا فبالاحتمال حيث لا بد مما ليس منه بد. ومعنى هذا أن التعبد بداعي احتمال الأمر أو رجاء المحبوبية ، كاف في صحة الاحتياط في العبادة لأن هذا هو الممكن على شرطه ومرتبته في حق المكلف ،