وقال السنة :
إذا لم نجد نصا على حادثة نحكم عليها بحكم حادثة ثانية نطق النص بحكمها ، اما
الملازمة بين حكم المسكوت عنه وحكم المنطوق به ـ فيناط أمرها وتحديدها إلى نظر
المجتهد ورأيه ، لأن المجتهد ـ في مذهب السنة ـ كما يسوغ له أن يستخرج الأحكام من
النصوص أيضا يسوغ له أن يستنبط علل الأحكام بظنه واجتهاده دون أن يعتمد على نص
ودليل من الشرع ، ثم يعطي حكم المنصوص عليه للمسكوت عنه لا لشيء إلا لأن الاثنين
يشتركان في العلة التي استنبطها المجتهد بحدسه وتصوره.
ـ مثلا ـ نص
الشرع على أن الخال وابن الأخت يتوارثان ، وسكت عن حكم النفقة وانها هل تجب للمعسر
على الموسر منهما أم لا تجب؟ فيحكم الفقيه القياسي على الموسر بالانفاق لأن ما هو
علة للتوارث يجب ـ في رأي القياسي ـ أن يكون أيضا علة للانفاق.
ويدحض هذا
النوع من الاجتهاد :
أولا انه غير
مفيد للقطع واليقين لجواز أن يكون الحكم ثابتا لذات الموضوع وخصوصه لا لعمومه ، أو
لعلة خارجة عنه ، وقد غابت عن حدس المجتهد القياسي وفهمه.
ثانيا ان علل
الأحكام الإلهية لا يعرف كنهها إلا الذي شرعها ، وإذا جاز لعالم ضليع أن يبين
الحكمة من تشريع حكم من أحكام الله ـ فلا يسوغ له أن يتخذ من هذه الحكمة المستنبطة
مبدأ عاما للتفريع والتطبيق.
ثالثا ليس من
الضروري أن تشترك الأشباه والنظائر في علة الحكم ، فإن مبنى شريعة الإسلام على جمع
المتفرقات ، وتفريق المجتمعات ، فمن الأول الجمع بين النوم والغائط في موجبات
الوضوء ، ومن الثاني قطع يد السارق دون الغاصب ، وهو أشد جرما.
رابعا يجوز أن
تكون العلة التي استنبطها المجتهد هي في واقعها حكمة لا يجب اطرادها ، أو جزء علة
لا يلزم من وجودها الوجود وان لزم من عدمها العدم ، إلى غير ذلك كثير.
وان شئت أن
تعرف ما قاله أهل البيت (ع) في القياس فانظر أول باب القضاء في وسائل الشيعة للحر
العاملي.