من جهة ثانية ، حيث يمكن الجمع العرفي بين ظهور العام وظهور الخاص بحيث
يصبحان كلاما واحدا ودليلا واحدا على عكس الدليلين المتباينين حيث لا يمكن الجمع
بينهما بحال كما هو الفرض. وأمر الأئمة بطرح الحديث المخالف لكتاب الله يختص بالحديث
المباين للكتاب من كل وجه ، ولا يمكن الجمع بينهما بحال تماما كالسلب والإيجاب.
والتفصيل في باب التعادل والتراجيح.
نسخ الكتاب بالسنة
الفرق بين
النسخ والتخصيص أن النسخ بيان ودليل على انتهاء الحكم الموجود ، والتخصيص أيضا
قرينة وبيان ولكن على أن الشارع أراد بالحكم الواقع على العام ما بقي تحته من
أفراد فقط بعد التخصيص ، ومعنى هذا أن التخصيص ينفي الحكم قبل وجوده عن غير الباقي
من أفراد العام. وأشرنا الى ذلك في فصل نسخ الوجوب من هذا الكتاب.
والنسخ ممكن
وجائز في الفروع والأحكام الشرعية لا في الأصول والعقيدة حيث لا يستدعي أي محذور ،
شريطة أن يكون الناسخ قول الله سبحانه وحديث الرسول (ص) لأن النسخ لا يكون إلا
بالوحي ، ولا وحي بعد خاتم النبيين ، أما الأئمة الأطهار فهم وسيلة النقل والحكاية
عن جدهم وكفى ، وقد أكدوا ذلك في العديد من أقوالهم ، ومنها «إن حدثنا عن شيء فعن
رسول الله نحدث» أي وان لم نسند الحديث اليه صراحة. وإذا امتنع النسخ في لسان
الأئمة الأطهار (ع) فبالأولى أن لا يجوز النسخ بالإجماع.
وفي كتاب كشف
الأسرار ومتنه للبزدوي ج ٣ باب تقسيم الناسخ : «يجوز أن يكون الإجماع ناسخا لكتاب
الله عند بعض مشايخنا ـ الأحناف ـ لأنه كالنصوص .. وعند جمهور العلماء لا يجوز لأن
الاجماع اجتماع آراء ، ولا مجال للرأي في معرفة نهاية وقت الحسن والقبح».
وليس من شك
وخلاف في جواز نسخ الكتاب بالكتاب ، لأنه واقع بالفعل في أكثر من آية ، ومن ذلك
آية القبلة ـ ١٤٤ البقرة ، وآية الصدقة من أجل النجوى ـ ١٢ النجم. وأخبر سبحانه أن
أحكامه تتبع المصلحة محوا وإثباتا :