النظر عن مسيرة أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
إنّ مسيرة التشيع لأهل البيت كانت متصفة بخصوصيتين رئيسيتين ، وعند ما نجمع بينهما يمكن أن نصل إلى هذا الاستنتاج ، وهو اختصاص الإمامة بالأئمة عليهمالسلام :
الخصوصية الأولى : أنّ هذه المسيرة بدأت منذ زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، نطفة وبذرة ، (نطفة) في طهرها وصغرها وحجمها ، و (بذرة) في نموها وتكاملها ، ثمّ أخذت هذه النطفة تنمو حتى أصبحت أمّة صالحة من الناس ، تتحمل مسئولية الأنبياء والإمامة ، وأخذت هذه البذرة تتحول تدريجيا إلى شجرة طيبة (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ* تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) ، مسيرة بدأت صغيرة في الحجم ، ولكنّها أخذت تكبر وتتكامل ماديا ومعنويا ، في خط بياني تصاعدي لم يشهد حالة التراجع حتى يومنا الحاضر.
وهذه قضية مهمة جدا لا بد أن ننظر إليها من خلال انطباقها مع سنن التاريخ ـ كما ذكرت ـ السنن التي تحدث عنها القرآن الكريم ، سنن ثبات الحق وبقائه وتكامله ، وزهوق الباطل وانتهائه : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (١) ، لقد كانت المسيرة بهذه الصورة.
وكذلك من حيث (البذرة) التي تحولت من الصلابة إلى الشموخ والعطاء ، إلى الشجرة الطيبة ، فهي مسيرة قوية صامدة في وجه الضغوط والمؤثرات والمؤامرات ، وحققت إنجازات عظيمة جدا في تاريخ العالم الإسلامي ، يمكن أن أشير ـ بصورة سريعة ـ إلى بعض عناوينها وإنّ كان كل واحد منها يحتاج إلى بحث كامل ، بحيث يمكن أن نفهم ما عبرت عنه بأنّها مصداق لقوله تعالى : (... كَشَجَرَةٍ
__________________
(١) الإسراء : ٨١.