المباهلة (١) ، في مقام إثبات الرسالة والاحتجاج على النصارى وأهل الكتاب ، كما يدل على ذلك نص الآية : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (٢).
كما أنّ سياق الآيات يؤكد ذلك ، مضافا إلى ذلك تفاصيل القصة ، ومنها تسليم النصارى لهذه المباهلة وانسحابهم منها.
ولعل السرّ في مجيء الحديث في الآية عن أهل البيت عليهمالسلام بهذا التسلسل ولم يقل : أنفسنا وأنفسكم ، ونساءنا ونساءكم ، وأبناءنا وأبناءكم ، وإنّما قدم الأبناء على النساء والأنفس باعتبار الإشارة إلى هذه الخصوصية ، فإن فيها الترقي من الأبناء ، لأنهم الامتداد الطبيعي للإنسان ، ثم إلى النساء باعتبارهن يمثلن عامل هذا الامتداد ، لأن الزهراء عليهاالسلام هي أم الأئمة الأطهار ، ثم الترقي بعد ذلك إلى الأنفس تأكيدا لهذا الارتباط ، لأن المحور الرئيس في الحديث هو رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كما أنّه محور النبوة والإمامة.
الآية الرابعة : آية (المودة) ، (... قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ...) (٣) ، وهي تشير إلى بعد آخر وهو بعد تشخيص طبيعة العلاقة التي يجب أن تقوم بين أبناء الأمة الإسلامية وأهل البيت عليهمالسلام ، وهي تعبر عن طبيعة العلاقة مع الإمامة ، والتي هي امتداد للعلاقة مع الله تعالى ورسوله.
وهذه العلاقة تشتمل على عناصر عديدة ، محورها المودة والحب والولاء لله ولرسوله ولأولي الأمر وللمؤمنين ، حيث يلاحظ بأنّ المودة في القرآن الكريم
__________________
(١) تناولنا الحديث عن آية المباهلة وأهمية هذه الحادثة عقائديا في حديث مستقل ، يمكن الاستفادة منه في بعض الأبعاد الأخرى.
(٢) آل عمران : ٦١.
(٣) الشورى : ٢٣.