ويؤكد القرآن الكريم ذلك في موضع آخر ـ كما أشرنا إليه سابقا ـ في آية بناء البيت : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١).
إذن ، فهذا النبي وأهل بيته هم ذرية إبراهيم وإسماعيل معا بالخصوص ، وهم دعوة إبراهيم عليهالسلام ، كما ذكرنا في عرض النظرية.
إذن ، فآية الاصطفاء في الحقيقة تعبر عن بعد الاصطفاء في (النظرية).
الثاني : هو الذي تشير إليه بعض الروايات التي وردت عن أهل البيت عليهمالسلام في تفسير الآية الكريمة على إضافة آل محمد صلىاللهعليهوآله بعنوانهم الخاص (٢) ، وهذه الرواية وإن كنا لا نقبل بها على ظاهرها ، لأنها توهم النقصان في القرآن الكريم ، ولذلك لا بد من تأويلها وتفسيرها على أساس التطبيق والتأويل (٣).
ولذلك يمكن أن نقول ـ بصورة إجمالية ـ : إنّ هذه الروايات تشير إلى تطبيق هذه الآية على الاصطفاء في أهل البيت عليهمالسلام ، إما عن طريق تفسير آل إبراهيم بآل محمد ، أو شمول آل إبراهيم لآل محمد صلىاللهعليهوآله.
الآية الثانية : آية (التطهير) (... إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٤) ، والتي تشير إلى بعد الطهارة والعصمة في أهل البيت عليهمالسلام ،
__________________
(١) البقرة : ١٢٧ ـ ١٢٩.
(٢) راجع تفسير القمي ١ : ١٠٠ ، التفسير الصافي ١ : ٣٢٨ ، مجمع البيان ١ : ٤٣٣.
(٣) وتفصيل هذا البحث له مجال آخر ، حيث عالجنا جانبا منه في بحثنا (التفسير عند أهل البيت) ، فليراجع ، ولا نريد الدخول هنا في تفاصيله.
(٤) الأحزاب : ٣٣.