هلك ورجل بخراسان لا يعرف من وصيه ، لم يسعه ذلك؟ قال : «لا يسعه ، إنّ الإمام إذا هلك وقعت حجة وصيّه على من معه في البلد ، وحقّ النفر على من ليس في حضرته إذا بلغهم» ..
(يعني أنّ الإمام إذا مات في مكان ، فعندئذ لا بدّ لهذا الإمام أن يقيم الحجة على من معه في ذلك البلد ، أما أولئك الأشخاص البعيدين الذين قد خفي عليهم هذه الحقيقة ، فهؤلاء يجب عليهم أن يفحصوا ، وأن ينفروا من أجل معرفة هذا الإمام (١)).
... قلت : فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم الأمر؟ قال : «إنّ الله عزوجل يقول :
(... وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٢) ...» (٣) ، فإن الإنسان ما دام قد خرج للفحص وهو بهذا القصد ، فعندئذ يكون معذورا عند الله تعالى.
الطائفة الثالثة : الروايات التي دلت على أنّ لكل نبي وصيا ، وأنّه لا يمكن أن يكون هناك نبي بدون وصي ، وهذا النوع من الروايات ورد ما يشبهه في روايات الجمهور ـ كما سبق ـ ولكن بصورة مخففة وضعيفة جدا ، أما في روايات أهل
__________________
(١) هذا بحث من الأبحاث في موضوع الإمامة ، وهو وجوب الفحص عن الإمام ، من أجل أن لا يموت الإنسان بدون أن لا يكون على معرفة من إمامه ، ويستدل الإمام على ذلك بقوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ، التوبة : ١٢٢ ، ويتفرع على هذا البحث وجوب الفحص عن المرجع السياسي الذي يدبر الأمور الاجتماعية ، كما يجب الفحص والرجوع إلى المرجع في الأحكام الشرعية.
(٢) النساء : ١٠٠.
(٣) الكافي ١ : ٣٧٨ / ٢ ، إثبات الهداة ١ : ٨٨ / ٦١ ، الباب السادس ، في النصوص على وجوب النبوة والإمامة.