الاستدلال ، إذ يمكن أن نقسم هذه الروايات إلى طوائف خمس تدل كل منها على ضرورة الإمامة ، تكون كل واحدة منها وجها من وجوه الاستدلال (١) :
الطائفة الأولى : الروايات التي دلت على وجوب الإمامة وضرورتها بصورة صريحة وواضحة ، وقد لاحظنا في روايات أهل السنة والجمهور أنّنا لم نجد رواية واحدة تدل على هذه الضرورة بصورة صريحة ، وإنّما استنبطنا هذه الضرورة منها ، نعم كانت هناك رواية واحدة هي أفضل هذه الروايات دلالة على ذلك ، ولكن كان العنوان فيها هو (السلطان) ولم يكن (الإمامة) ، أما في روايات أهل البيت عليهمالسلام ، فإننا نجد أمامنا روايات عديدة تدل على ذلك ، قد تصل في تعدادها إلى حد التواتر أو التضافر.
من جملة هذه الروايات ، رواية يونس بن عبد الرحمن ، عن يونس بن يعقوب ـ وهي طويلة ـ حيث ورد أنّه قال : قال : كان عند أبي عبد الله الصادق عليهالسلام جماعة من أصحابه فيهم هشام بن الحكم وهو شاب ، فقال أبو عبد الله : «يا هشام» ، قال : لبيك ، يا ابن رسول ، قال : «ألا تحدثني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته» ، قال هشام : جعلت فداك يا بن رسول ، إني أجلّك وأستحييك (٢) ، ولا يعمل لساني بين يديك. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «إذا أمرتكم بشيء فافعلوه».
قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، وعظم
__________________
(١) وقد نجد طوائف أخرى بالبحث والتأمل ، ولكن اختصارا للوقت والحديث نقتصر على هذه الطوائف الخمس ، كما سوف أكتفي في كل طائفة من هذه الطوائف بذكر بعض الأمثلة منها ، وإلّا فإن بعض هذه الطوائف وردت فيها روايات بعدد يمكن أن نقول : إنّها متواترة ، ويمكن متابعة التفاصيل بعد ذلك في الكتب الموسعة.
(٢) يعني كان يخجل أن يتحدث عما صنعه في هذا الشخص المعروف بالقدس والعبادة بين الناس وكان ـ أيضا ـ من العلماء في أواخر الأمويين وأوائل أيام العباسيين.