الغائبين بل المعدومين فيه خلاف
(وقبل بيان التحقيق) في ذلك لا بد من بيان محل النزاع فنقول ليس النزاع في كلمات القوم في إمكان تكليف المعدوم واستحالته فإن إنشاء التكليف بلا بعث وطلب حقيقي لا ريب في إمكانه بل وقوعه كما يشاهد من المقننين والموالي الآمرين عن بعد بالكتابة ونحوها كما أنه مع البعث والطلب لا إشكال في امتناعه وحينئذ فهل النزاع في إمكان المخاطبة مع المعدوم واستحالته أو في عموم وضع أدوات النداء وعدمه الظاهر أنه وقع النزاع في كلمات القوم من كلتا الجهتين كما يستفاد من تمثيلهم بكلا المثالين اللذين ذكرناهما في عنوان البحث وكما يستظهر من كلماتهم فراجع.
(إذا عرفت ذلك) فالكلام يقع في كل من الجهتين فنقول :
(أما الجهة الأولى)
وهي جهة إمكان مخاطبة المعدوم واستحالته فالملخص من البحث فيها هو أنه لا ينبغي التأمل في أن حقيقة المخاطبة والمكالمة غير متقومة بالتفهيم والانفهام ولذا قد يجعل الجماد لغرض يترتب على مخاطبته كما أنها غير متقومة بحضور المخاطب ولذا يجعل النبي صلىاللهعليهوآله وغيره من المعصومين عليهمالسلام مخاطبين مع أنهم يسمعون الخطاب في حال عدم حضورهم في المجلس بل الظاهر أنها حقيقة يترتب عليها دواع مختلفة فالتفهيم والإسماع تارة وغيرهما من الدواعي والأغراض أخرى ولا مضايقة في تسمية ما إذا كان الداعي فيه هو التفهيم واستماع المخاطب بالخطاب الحقيقي وتسمية غيره بالخطاب الإنشائي وعلى ذلك فجعل المعدوم فضلا عن الغائب مخاطبا بملاحظة ظرف وجوده وصيرورته قابلا للمخاطبة وتفهيمه ذاك الخطاب بما يحكى عنه ويبقى إلى زمان وجوده مما لا إشكال فيه فينشئ الخطاب ويجعل في الكتابة مثلا ليلتفت إليه المخاطب إذا وجد.
و(قد اتضح بما ذكرنا الكلام) في الجهة الثانية
وهي البحث عن عموم وضع الأدوات وعدمه فإن أدوات النداء موضوعة لإنشاء النداء وإيجاده بها سواء كان المخاطب ملتفتا أو لم