الجامع بناء على هذا القول يمكن أنّ يتصوّر بعنوان حاقن دماء المسلمين مثلا وهذا المقدار من المعرفة يكفي في ادّعاء التّبادر على القول بالأعمّ كما يكفي في دعوى التّبادر على القول بالصّحيح وإن كنّا نورد عليه بما عرفت.
هذا ، وأمّا ساير الوجوه فلم نتعرّض لها غير ما قد وقع مجال أنظار الأعلام وهو قول القائلين بالأعمّ بأنّه لا شبهة في تعلّق النّذر بترك الصّلاة في المكان المكروه فيه الصّلاة لمرجوحيّة ومنقصة فيه ولو فرض وضع الصّلاة مخصوص الصّحيح لكان متعلّق النّذر هو الصّلاة الصّحيح والصّلاة الصّحيح بعد فرض تعلّق النّذر بتركها لا يمكن وقوعها في المكان المنذور تركها فيه إذ كلّما وقعت الصّلاة فيها تقع فاسدة لحنث النّذر والمفروض أنّ المنذور هو الصّحيح لا الفاسد فيلزم من وجود الحنث عدمه ومن وجود الصّلاة عدمها ومن صحّة الصّلاة فسادها.
وأنت خبير بأنّ هذه المحالات اللّازمة ملزومها ليس إلّا صحّة تعلّق النّذر بالصّلاة الصّحيح وهذا الملزوم ثابت ولو على قول القائلين بالأعمّ فاللوازم مثله إذ الصّلاة المكتوبة المنذورة تركها باعتبار مرجوحيّتها الإضافيّة أي باعتبار مرجوحيّتها بالنّسبة إلى غيرها منذور التّرك وإلّا لم يكن للصّلاة في الحمّام مثلا مرجوحيّة ذاتيّة في حدّ نفسها فالصّلاة المكتوبة منذور التّرك ولو على القول بالأعمّ وهي لمكان فسادها من ناحية حنث النّذر ليست مكتوبة فيلزم من وجود المكتوبة عدمها ومن صحّة تعلّق النّذر عدمها قلنا بالصّحيح أو الأعمّ فما هو الجواب بناء على القول بالأعمّ هو الجواب على القول بالصّحيح.
ولا يخفى أنّ النّذر إنّما يصحّ تعلّقه بالصّلاة أو غيرها من العبادات لو كانت لها أفراد وتكون الأفراد أطراف التّخيير بمعنى أنّ الأمر قد تعلّق بالطّبيعة الصّرفة والأفراد في الأزمنة والأمكنة تكون من الواجبات التّخييريّة المتفاضلة بعضها عن بعض بحسب الزّمان أو المكان مع فرض كون المأمور به ليس الّا الطّبيعة الجامعة بين تلك الأفراد ، وأمّا إذا فرض كون المأمور به نفس تلك الأفراد بحيث يتعدّد المأمور به بتعدّد الأفراد الزّمانيّة والمكانيّة