المفروض أنّ جميع المشخّصات والعوارض غير ملتفت إليها وما كان موردا للالتفاتة نفس هذا الوجود اللّفظيّ وهذا شيء واحد لا يختلف باختلاف الأقوال واختلاف القائلين وإلّا يلزم أن يكون القائل أو زمان القول أو غيره من العوارض دخيلا في تصوّره والوجدان على خلافه.
إذا عرفت المقدّمتين فاعلم أنّ استعمال اللّفظ في النّوع والصّنف والشّخص ليس إلّا من قبيل إلقاء اللّفظ وإيجاده في ذهن المخاطب السّامع.
أمّا النّوع والصّنف فالمتصوّر في الذّهن من الموضوع والمحمول نفس الوجود المعقول حال كونه كليّا إمّا بالنّوع أو بالصّنف إذ المفروض أنّ المشخّصات بأجمعها مغفول عنها وما يكون ملتفتا إليه نفس هذا الوجود والوجود الّذي ليس مقرونا في تصوّره بالعوارض الخارجيّة كلّيّ بالنّوع أو بالصّنف (١) فلا يكون الاستعمال في النّوع أو الصّنف استعمال اللّفظ في المعنى أصلا بل من قبيل إلقاء نوع اللّفظ أو صنفه في ذهن المخاطب.
وأمّا الاستعمال في الشّخص فيعلم حاله من المقدّمة الأولى فقط من غير احتياج إلى المقدّمة الثّانية ، فإنّ شخص هذا اللّفظ ممّا يوجد بواسطة العصب السّمعيّ الّذي هو الصّماخ في الذّهن كما هو واضح. إنّما الكلام في خصوص القسم الآخر وهو استعمال اللّفظ في المثل وأنّه كيف يكون هذا أيضا على نحو الإلقاء والايجاد دون الاستعمال فقد قال بعض الأعلام : إنّه لا يكاد يتصوّر الإيجاد والإلقاء في هذا القسم. لكنّ الّذي يقتضيه التّحقيق أنّه أيضا من باب الإلقاء دون الاستعمال.
بيانه أنّك قد عرفت في إحدى المقدّمتين أنّ التّلفظ الّذي هو الكيف المسموع يوجد في الذّهن على نحو الكلّيّ أي بدون التفات إلى المشخّصات والعوارض الخارجيّة لكنّه من الممكن تشخّص هذا الكلّيّ الموجود في الذّهن بتعدّد الدّوالّ الأخر مثلا إذا قيل زيد لفظ
__________________
(١) (١) ـ هذا الكلام مخدوش جدّا لأنّ الوجود هو الملاك الحقيقى للتّشخّص والجزئيّة الحقيقية كما صرّح به فى المقدمة الثانية فكيف يصير هذا الوجود كلّيّا إمّا بالنوع او بالصنف؟ (المقرّر)