ثانيا على فرض كون مقدّمة الحرام حراما كما هو المستفاد من الاستدلال.
الوجه الثّاني هو أنّ ترك ضدّ الواجب إنّما هو من مقدّمات فعله فإنّه لو لم يترك ضدّ الواجب لما أمكن إتيان الواجب وحيث كان فعله واجبا فكلّ ما يكون من مقدّمات فعله يكون واجبا لا محالة والمفروض أنّ ترك ضدّه يكون من مقدّمات فعله. فينتج أنّه واجب فتركه حرام لأنّه ضدّ عامّ لهذا الّذي يكون واجبا من باب المقدّمة.
هذا ، وتماميّة هذا الاستدلال مبنيّ على القول بمقدّميّة ترك ضدّ الواجب أوّلا وعلى القول بوجوب المقدّمات ثانيا وحرمة الضدّ العامّ ثالثا كما لا يخفى.
هذا ما يقال في اقتضاء الأمر للنّهي عن ضدّه الخاصّ. والتّحقيق في المقام أنّ التّضادّ بين الشّيئين مثل السّواد والبياض ونظائرهما إنّما هو من الإضافات المتشابهة في الأطراف نظير الأخوّة فما يفرض في أحد الأطراف لا بدّ وأن يفرض في الآخر لأنّهما متشابهان بحسب الفرض. وعلى هذا لو فرضنا أنّ وجود أحد الضّدّين مستلزم لعدم الضد الآخر كما هو المفروض في الوجه الأوّل فلا بدّ وأن يكون وجود الآخر أيضا مستلزما لعدم ضدّه وكذلك لو فرضنا ترك أحدهما مقدّمة لوجود الآخر كما هو المفروض في الوجه الثّاني لا بدّ وأن يكون ترك الآخر مقدّمة لوجود الضدّ. وهذا لفرض أنّ التّضادّ من الإضافات المتشابهة في الأطراف فيلزم كون كلّ واحد من الضدّين متأخّرا عن الآخر ومتقدّما على الآخر فإنّ كلّا منهما مقدّمة للآخر ذي المقدّمة ، فبما أنّ أحدهما مقدّمة للآخر يكون الآخر متأخّرا عنه تأخّر المعلول عن علّته وهذا المتأخّر متأخّر عن كلّ ما تأخّر عنه المقدّم لأنّ المتأخّر عن المتأخّر متأخّر ومن جملة ما تأخّر عنه المقدّم هو هذا المعلول المتأخّر فإنّ المفروض أنّ هذا أيضا مقدّمة لضدّه فضدّه متأخّر عنه لا بدّ وأن يكون متأخّرا عنه لقاعدة التّأخّر المذكورة ومن جملة ما تأخّر عن ضدّه هو نفسه فإنّ المفروض أنّه ذو المقدّمة فيلزم أن يكون نفسه متأخّرا من نفسه وأن يكون متقدّما على نفسه فيلزم اجتماع النّقيضين وقد يقال في التّفصّي عن الدّور بما نقل في الكفاية مع جوابه إلّا أنّك بعد ما عرفت من تقريب الدّور فلا مجال