المسائل هي المتبادر المعلوم أوّلا في الذّهن فهي المتعيّن للموضوعيّة إلّا أنّها تقع محمولا في القضايا لمكان كليّتها وأعميّتها من الحيثيّات المائزة فيحمل على تلك الحيثيّات ويتشكّل منها المسائل الّتي يقال لها المطالب. مثلا الحيثيّة الموجوديّة هي المشتركة في جميع مسائل العلم الالهيّ بالمعنى الأعمّ وهي المتبادر المعلوم اوّلا الحاضر عند المتعلّم والمعلّم فهي المتعيّن للموضوعيّة الّا أنّها لما كانت أعمّ من الحيثيّات المائزة بين مسائلها من قبيل الجسميّة والنّفسيّة والعقليّة والهيولويّة والصّورة وأمثالها تقع محمولا عليها لمكان أعميّتها ويقال : الجسم موجود والنّفس موجود والعقل موجود والهيولى موجودة والصّورة موجودة ولا يقال الموجود جسم إلى آخر ومع ذلك كلّه لا ينسلخ تلك الحيثيّة الجامعة عن حدّ الموضوعيّة فهو الموضوع للعلم واقعا وإن وقع محمولا في القضايا. وهكذا الأمر في موضوع علم الأصول فإنّ الجهة الجامعة في مسائلها هي عنوان «الحجّة في الفقه» وهي المتبادر المعلوم أوّلا فهي المتعيّن للموضوعيّة لكنّها تقع محمولا في القضايا لمكان أعمّيّتها ويقال : خبر الواحد حجة ، والاستصحاب حجة ، إلى آخر المسائل الأصولية ، فظهر أنّ وقوع الحيثية المشتركة في عقد المحمول لا ينافي ولا يضرّ بكونها موضوعا للعلم واقعا وإن يقع محمولا أحيانا.
المقدمة الرابعة : الحيثية المشتركة الّتي قلنا إنّها تقع محمولا في القضايا والمسائل لمكان أعميتها تارة تقع بنفس مفهوما محمولا على الحيثيّات المائزة. واخرى لا بنفس مفهومها بل بأفرادها وأقسامها تقع محمولا. (١)
والأوّل كما عرفت في المقدّمة السّابقة في مسائل الفلسفة الكليّة ومسائل الأصول ، و
__________________
(١) (١) ـ قال المحقّق الطوسي في شرحه للإشارات : «والشيء الواحد قد يكون موضوعا لعلم إمّا على جهة الاطلاق كالعدد للحساب وإمّا لا على الاطلاق بل من جهة ما يعرض له عارض إمّا ذاتيّ له كالجسم الطبيعي من حيث يتغيّر للعلم الطبيعي او غريب كالكرة المتحركة لعلمها.» (شرح الإشارات ـ المنطق ـ الإشارة الثالثة ، منهج ٩)