(و) مثلها (الحروف ونحوهما من غير فرق فى ذلك اصلا بين الحروف واسماء الاجناس ولعمرى) ان (هذا واضح ولذا ليس فى كلام القدماء من كون الموضوع له او المستعمل فيه خاصا فى الحرف عين ولا اثر وانما ذهب ذهب اليه بعض من تأخر ولعله لتوهم كون قصده بما هو فى غيره من خصوصيات الموضوع له او المستعمل فيه) بناء على كونه خاصا او لتوهم ان له جهة استقلال بناء على كونه عاما (وانما) صدر ذلك (غفلة عن ان قصد المعنى من لفظه على انحائه لا يكاد يكون من شئونه واطواره وإلّا فليكن قصده بما هو هو وفى نفسه) كما فى الاسماء (كذلك مشخصا وهو كما ترى فتأمل فى المقام فانه دقيق وقد زلت فيه اقدام غير واحد من اهل التحقيق والتدقيق) الامر (الثالث) من الامور المذكورة اختلفوا فى ان (صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له) مناسبة تامة (هل هو بالوضع) لان امر الالفاظ توقيفى فيتوقف الاستعمال على الرخصة من الواضع (او) هو (بالطبع) فلا يتوقف على ذلك ولا على شيء آخر عدا المناسبة المذكورة (وجهان بل قولان) اوجههما (واظهرهما انه بالطبع) لا لما افاده دام ظله من ان ذلك ثابت (بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه ولو مع منع الواضع عنه وباستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه ولو مع ترخيصه) وانه (لا معنى لصحته الا حسنه) لما ترى من حسن استعمال الفاظ كثيرة غير موضوعة لغة اصلا إلّا انه تعارف استعمالها فى المحاورات فبلغ من الحسن الى ان قيل فيه رب غلط مشهور خير من صحيح مهجور واستهجان استعمال الفاظ كثيرة موضوعة فى اصل اللغة إلّا انها مهجورة الاستعمال هذا فى الحقائق فكيف بالمجازات والحاصل ان مناط الحسن والقبح مطلقا شهرة الاستعمال وقلته فالاستحسان والاستهجان لا يدلان على انه وضعى او طبعى فلا نسلم الحسن فى المناسب اذا كان مهجورا ولا القبح فى غيره اذا كان مشهورا نعم الشاهد على ما ذكرنا انك لم تجد احدا من اهل التخاطب والمحاورات من الشعراء والخطباء وسائر من له اهلية المحاورة من سائر اللغات فى جميع الاوقات لا مرئى