المستقر اعنى له خبره وعليهم متعلق بالظرف يعنى لم يكن له قدرة على ان يوسوسهم ويعدهم ويمنّيهم الا بتسليطنا إياه عليهم حيث قلنا واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم فى الأموال والأولاد وعدهم لشيء (إِلَّا لِنَعْلَمَ) اى لتميز (مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍ) فنجازى كلّا منها على حسب ما عمل قال الحسن ان إبليس لم يسل عليهم سيفا ولا ضربهم بسوط وانما وعدهم ومنّاهم فاغتروا ـ فان قيل هذه الاية تدل على كون علمه تعالى حادثا وهو يقتضى الجهل سابقا تعالى الله عن ذلك أجيب بان علمه تعالى قديم لكن تعلق العلم بالمعلوم حادث والمراد هاهنا بحصول العلم حصول متعلقه مبالغة ويرد عليه ان العلم ما لم يتعلق بالمعلوم لا ينكشف المعلوم عند العالم فان العلم قبل التعلق بالمعلوم انما هو العلم بالقوة لا بالفعل فكون تعلق العلم حادثا يقتضى سبق الجهل فبقى المحذور فاجيب بان علمه تعالى قبل وجود الحادث كان متعلقا به كاشفا عنده تعالى كونه موجودا وهذا لا يقتضى سبق الجهل بل سبق علمه تعالى بكونه معدوما كما هو فى الواقع فلا محذور ومعنى الاية ليتعلق علمنا بذلك موجودا كما تعلق به معدوما لكن يلزم حينئذ كونه تعالى محلّا للتغير فالاولى ان يقال ان الزمان بجميع اجزائه وما فيها حاضر عند الله سبحانه متعلق علمه تعالى بها قديما سرمدا وانما التعاقب فيها بنسبة بعضها الى بعض فزيد الذي هو موجود فى وقت ومعدوم فى وقت حاضر عند الله بكلا الحالتين كما ان كونه فى مكان دون مكان حاضر عنده بلا تغير فى ذاته تعالى فمعنى الاية لنعلم قديما سرمدا من يؤمن ممن هو فى شك وهذا لا يقتضى مسبوقية علمه تعالى كيف وان السابقية والمسبوقية انما يتصور فيما يجرى عليه الزمان كما ان الفوقية والتحتية لا يتصور الا فيما يحويه المكان ومن هو خالق للزمان والمكان منزه عنها كلها ـ لكن هذه الاية تدل على ان العلم تابع للمعلوم وكون المعلوم حادثا لا يقتضى كون العلم به حادثا فان المعلوم محفوف بالزمان والعلم محيط به شتان ما بينهما قال الله تعالى (وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الزمان والزمانيات