تعالى (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) فقالوا تزعم انا لم نؤت من العلم الا قليلا وقد أوتينا التورية وهى الحكمة (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) فنزلت هذه الاية فعلى ما ذكرنا من الروايات فى سبب النزول الاية مدنية وقيل الاية مكية وانما امر اليهود وفد قريش ان يسئلوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقولوا له ذلك وهو بعد بمكة ـ واخرج ابو الشيخ فى كتاب العظمة وابن جرير عن قتادة قال قال المشركون انما هذا الكلام يوشك ان ينفد فنزل (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ) الاية. (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ) أجمعين (إِلَّا كَنَفْسٍ) اى الا كخلق نفس (واحِدَةٍ) وبعثها إذ لا يشغله شأن عن شأن ويكفى لوجود الكل تعلق إرادته مع قدرته الذاتية فلا يتعذر عليه خلق الكل كما لا يتعذر عليه خلق نفس واحدة (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع كل مسموع (بَصِيرٌ) (٢٨) يبصر كل شىء لا يشغله ادراك بعضها عن ادراك بعض اخر فكذلك الخلق او المعنى انّ الله سميع لاقوال المشركين ان لا بعث بصير بأعمالهم. (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ) عطف على يولج او حال بتقدير قد (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌ) واحد من النيرين (يَجْرِي) فى السماء (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) اى وقت معين وهو يوم القيامة الفرق بينه وبين قوله (لِأَجَلٍ مُسَمًّى) ان الاجل منتهى الجري وثمه غرضه حقيقة او مجازا وكلا المعنيين حاصل فى الغايات (وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢٩) عطف على قوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ) وجملة (أَلَمْ تَرَ) متصل بقوله (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) مقرر له. (ذلِكَ) الذي ذكر من سعة عمله وشمول قدرته وعجائب صنعه (بِأَنَ) اى بسبب ان (اللهَ هُوَ الْحَقُ) الثابت اى الواجب وجوده وجميع كمالاته او الثابت ألوهيته (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ) قرأ ابو عمرو وحفص وحمزة «ويعقوب وخلف ـ ابو محمد» والكسائي بالياء على الغيبة والباقون بالتاء على الخطاب (مِنْ دُونِهِ) من الالهة (الْباطِلُ) المعدوم فى حد ذاته او الباطل دعوى الالوهية فيه (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُ) المترفع على كل شىء والمتسلط عليه (الْكَبِيرُ) (٣٠) الظاهر الباهر كبرياؤه ومن كان هذا شأنه يجب ان يكون علمه وقدرته شاملا لجميع الأشياء .. (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) متصل بقوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ) ... (بِنِعْمَتِ اللهِ) اى بإحسانه فى تهية أسبابه وهو استشهاد اخر على باهر قدرته و