حتّى قصد السفينة فلما راه اهل السفينة مثل الجبل العظيم وقد فغرفاه ينظر الى من فى السفينة كانّه يطلب شيئا خافوا فلما راه يونس عليهالسلام زخ نفسه فى الماء ـ وعن ابن عباس رضى الله عنه انه خرج مغاضبا لقومه ـ فاتى بحر الروم فاذا سفينة مشحونة فركبها ـ فلما لججت السفينة تكافت حتّى كادوا ان يغرقوا ـ فقال الملاحون هاهنا رجل عاص او عبد ابق وهذا رسم السفينة إذا كان فيها ابق لا تجرى ـ ومن رسمنا ان نقترع فى مثل هذا فمن وقعت عليه القرعة ألقيناه فى البحر ـ ولان يغرق واحد خير من ان تغرق السفينة بما فيها ـ فاقترعوا ثلاث مرات فوقعت القرعة فى كلها على يونس ـ فقام يونس فقال انا الرجل العاصي والعبد الآبق فالقى نفسه فى الماء ـ فابتلعه حوت ثم جاء حوت اخر اكبر منه وابتلع هذا الحوت ـ واوحى الله الى الحوت لا تؤذى منه شعرة فانى جعلت بطنك سبحنه ولم نجعله طعاما لك ـ وروى عن ابن عباس قال نودى الحوت انا لم نجعل يونس لك قوتا وانما جعلنا بطنك له حرزا ومسجدا ـ وروى انه قام قبل القرعة قال انا العبد العاصي الآبق ـ قالوا من أنت ـ قال يونس بن متّى ـ فعرفوا فقالوا لا نلقينك يا رسول الله ولكن نساهم ـ فخرجت القرعة عليه فالقى نفسه فى الماء ـ قال ابن مسعود ابتلعه الحوت فاهوى به الى قرار الأرض السابعة وكان فى بطنه أربعين ليلة ـ فسمع تسبيح الحصى (فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) ـ فاجاب الله له فامر الحوت فنبذه على ساحل البحر كالفرخ الممعط ـ فانبت الله عليه شجرة من يقطين وهو الدباء فجعل يستظل تحتها ووكّل الله به وعلة يشرب من لبنها ـ فيبست الشجرة فبكى عليها ـ فاوحى الله تعالى اليه تبكى على شجرة يبست ولا تبكى على مائة الف او يزيدون وأردت ان اهلكهم ـ فخرج يونس فاذا هو بغلام يرعى فقال من أنت يا غلام ـ قال من قوم يونس ـ قال إذا رجعت إليهم فاخبرهم انى لقيت يونس ـ فقال الغلام قد تعلم انه ان لم يكن بينة قتلت قال يونس تشهد لك هذه البقعة وهذه الشجرة ـ فقال له الغلام فمرهما ـ قال يونس إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا (١) له قالتا نعم ـ فرجع الغلام فقال للملك انى لقيت يونس فامر الملك بقتله ـ فقال ان لى بينة فارسلوا معى فاتى البقعة والشجرة فقال أنشدكما بالله هل اشهد كما يونس قالتا نعم فرجع القوم مذعورين وقالوا للملك شهد له الشجرة
__________________
(١) فى الأصل فاشهدوا ـ