ووافقه
الزمخشري على رأيه مضيفاً رأياً عن الحسن : قد علم الله أنّه ما به إليهم حاجة ، ولكنّه
أراد أن يستنّ به من بعده ، وعن النبي(صلى الله عليه وآله) : «ما تشاور قوم قط إلاّ
هدوا لأرشد أمرهم» ، فإنّ ما هو أصلح لك لا يعلمه إلاّ الله لا أنت ولامن تشاور.
ونقل القرطبي
قولا عن الحسن البصري والضحّاك قالا : ما أمر الله تعالى نبيّه بالمشاورة لحاجة
منه إلى رأيهم ، وإنّما أراد أن يعلّمهم ما في المشاورة من الفضل ولتقتدي به أمّته
من بعده.
وروى سهل بن
سعد الساعدي ، عن النبي(صلى الله عليه وآله) : «ما شقي قط عبد بمشورة ، وما سعد
باستغناء رأي» وقال بعضهم : شاور من جرّب الأمور ، فإنّه يعطيك من رأيه ما وقع
عليه غالباً وأنت تأخذه مجّاناً.
هذا ما أردنا
ذكره ليتعرّف القارىء العزيز على فضل التشاور إذا كان بين النبي والناس وبين الناس
أنفسهم ، فكيف إذا كانت المشاورة بين العبد وربّه ، فإنّهاأعلى مراتب الاستشارة ، لأنّ
العبد هو الفقير في كلّ شيء ، والربّ الجليل هوالغنيّ في كلّ شيء ، ولذا يستوجب
على العبد إذا استشار ربّه الغني أن يُسلّم لما يُشير عليه ربّه ، إن كان أمراً
فيأتمر به ، وإن كان نهياً فينتهي عنه.
وأمّا بالنسبة
للخيرة ، فقد قال الطبرسي في مجمع البيان : لأنّ حقيقة المعنى فيهما أنّه سبحانه
يختار وإليه الاختيار ليس لمن دونه الاختيار ، لأنّ الاختيار يجب أن يكون على
العلم بأحوال المختار ، ولا يعلم غيره سبحانه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ