حل الوطي في الصّورة الأولى بالنّسبة إلى المرأة الخاصّة الّتي ظنّها أجنبيّة واستصحاب عدم تملّكه المال الّذي بيد الغير مضافا إلى قاعدة كون اليد أمارة الملك شرعا لذيها في الثّالثة واستصحاب عدم ملكه للشاة الّذي ظنّه لغيره لعدم جواز التّصرف في الأموال إلا بعد العلم بتملكه لها أو بجواز التّصرّف فيها في الرّابعة واستصحاب عصمة النّفس إلى أن يعلم خلافها في الخامسة وأمّا الصّورة الثّانية فحيث لا دليل على اعتبار الظّنّ بالحيض شرعا فاستصحاب بقاء الطّهر المثبت لجواز الوطي جار ما لم يعلم الخلاف ولكنّها ليست من موارد التجرّي لفرض مطابقة العمل بالأصل نعم لو حصل الظّنّ بقولها جرى هنا أيضا ما ذكرناه في غيرها هذا كلّه بناء على كون مخالفة الطّرق الظّاهريّة معصية محضة كما هو ظاهر المشهور وأمّا بناء على جريان التجرّي بالنّسبة إليها أيضا كما اختاره صاحب الفصول على ما نقله المصنف رحمهالله عنه فمع عدم جريانه بالنّسبة إلى الصّورة الثّانية بناء على ما قدّمناه قد تقدم ثمة ما فيه هذا إن أراد من الظّنّ الاعتقاد الرّاجح المحتمل للخلاف وإن أراد منه الاعتقاد الجزمي كما ربّما يدعى استعماله فيه ففي جريان التجرّي فيما عدا الصّورة الثّانية نظر من أنّ الظّنّ في مورد الأمارة إذا كان حجّة فالقطع أولى بالحجيّة فإذا اعتبرت البيّنة مع إفادتها الظّنّ فمع إفادتها القطع أولى بالاعتبار مع أنّ مخالفة القطع في مورد الأمارة مستلزمة لمخالفة الأمارة أيضا فتكون صورة القطع كصورة الظّنّ في عدم جريان التجرّي فيها ومن أنّه مع القطع يلغى اعتبار الأمارة ويكون مدار الموافقة والمخالفة عليه سيّما مع ارتفاع موضوع الأصول العمليّة في صورة القطع فمخالفة القطع حينئذ يجري عليها حكم التّجري (تنبيه) اعلم أنّه قد ظهر ممّا قدّمناه في تضاعيف الحواشي السّابقة ابتناء عدم حرمة التّجرّي على عدم استحقاق المتجرّي للعقاب من جهته ولا من جهة الفعل المتجرّى به وإن استحقّ الذّم من حيث كشف الفعل المتجرّى به عن خبث السّريرة (أمّا الأوّل) فلمّا أشار إليه المصنف قدّه سابقا من أنّ المكلّف إنّما يستحق العقاب بأفعاله الاختياريّة دون صفاته الثّابتة عليه وأمّا الثّاني فلعدم قبح في الفعل أصلا كما تقدّم أيضا ولكن هذا إذا لم نقل باستحقاق العقاب بمجرّد نيّة المعصية وإلا فلو قلنا بذلك لأجل الأخبار الواردة في المقام فلا بدّ من القول به فيما أتى بما اعتقد حرمته مع عدم حرمته في الواقع كما هو العمدة في محلّ الكلام لعدم انفكاكه عن قصد المعصية لا محالة وقد تقدّم اتفاق كلمة الأصحاب بل الأخبار أيضا حتّى الدّالّ منها على العفو على تحقق الاستحقاق فحينئذ إن رجحنا الأخبار الدّالة على المؤاخذة فلا بدّ من التزامها فيما نحن فيه ولو لأجل النّيّة المتحقّقة في ضمن الفعل المتجرّى به بل القصد في الحقيقة مدار الثواب والعقاب فإنّه روح العمل وحياته وإن رجحنا أخبار العفو يتجه التزام عدم ترتّب العقاب على الفعل المتجرّى به لا من جهته ولا من جهة النّيّة المتحقّقة في ضمنه وإن جمعنا بين الأخبار بأحد الوجهين الذين أشار إليهما المصنف رحمهالله فلا بدّ من التزام العقاب فيما نحن فيه لاختصاص مورد العفو حينئذ إمّا بصورة رجوع المتجرّي عن النّيّة المجرّدة بنفسه أو بصورة الاكتفاء بمجرّد النّيّة مطلقا لا يقال إنّ مورد الأخبار نيّة المعصية الواقعيّة دون المعتقدة لأنّا نقول إنّ المتجرّي فيما نحن فيه أيضا ناو للمعصية الواقعيّة وإن لم يصادف اعتقاده للواقع وليس في الأخبار ما يدلّ على اشتراط إصابة الواقع على تقدير الإتيان بالمنوي ولما ذكرناه قد يورد على المصنف رحمهالله بأن قوله بعدم عقاب المتجرّي أصلا لا يجتمع مع جمعه بين الأخبار بأحد الوجهين المذكورين لكنّك خبير بأنّه ليس في كلام المصنف دلالة على اختيار أحدهما بل ظاهره ترجيح أخبار العفو كما لا يخفى ثمّ إنّه قد يتمسّك لحرمة التجرّي فيما إذا أتى بما اعتقد حرمته مع عدم حرمته في الواقع مضافا إلى ما عرفت بأدلة حرمة الإعانة على الإثم بناء على شمولها لحرمة إعانة المتجرّي بتقريب أنّ الإعانة وإن كانت ظاهرة في إيجاد بعض مقدّمات فعل الغير فلا تشمل ما نحن فيه إلاّ أن أدلّة حرمة الإعانة إذا شملت إيجاد بعض مقدّمات فعل الغير الّذي اعتقد حرمته مع عدم حرمته في الواقع فشمولها لما نحن فيه من إعانة نفسه على ما اعتقد حرمته بطريق أولى ولكنّه ضعيف إذ ظاهر الآية حرمة الإعانة على الإثم الواقعي دون الاعتقادي وظاهر الفقهاء أيضا ذلك وقد تقدّم أيضا ضعف دلالة الأخبار الدّالّة على ترتّب العقاب على نيّة المعصية فتبقى الأخبار الدّالّة على العفو حينئذ سليمة عن المعارض وممّا ذكرناه يظهر ضعف الاستدلال أيضا على المقام بحرمة الإعانة من باب تنقيح المناط كما نقله المصنف رحمهالله وهو واضح في المسألة بينما لو ثبت التّكليف في الواقع وحصل التجرّي في كيفيّة امتثاله كما لو ظنّ ضيق الوقت فأخّر الصّلاة فتبيّن بقاء الوقت أو ارتكب بعض أطراف الشّبهة المحصورة ثمّ ظهر عدم مصادفته للحرام الواقعي المشتبه فإن التكليف بالظّهرين في الأوّل وبالاجتناب عن النّجس المشتبه بين أمور محصورة ثابت في الواقع إلاّ أنّ التجرّي بمخالفة المظنون أو المحتمل وقع في طريق امتثاله وبين ما لو كان طريق ثبوت التّكليف هو القطع غير المصادف للواقع كما لو اعتقد الخلّ خمرا فشربه أو اعتقد وجوب فعل مباح فتركه ذلك بأن يقال في الأوّل إنّ القطع وكذلك الظنّ مع فقده في مسألة ظنّ ضيق الوقت طريق شرعيّ يعدّ العبد مع مخالفتهما عاصبا محضا وإن لم يصادف قطعه أو ظنّه للواقع لبناء العقلاء على ذلك وكذلك الاحتياط في موارد الشّبهة المحصورة مأمور به شرعا توجب مخالفته العقاب وإن لم يحصل القطع بمخالفة الواقع وفي الثّاني أنّ اعتبار القطع فيه عندهم ليس إلاّ لمجرّد الطّريقيّة إلى الواقع فيجري فيه حكم التّجرّي عند عدم مصادفة الواقع وبما ذكرناه يمكن الجمع بينهما حكاه المصنف قدّه