في ارتكابها وهي كاشفة عن وجود ترياق لها وإن كان ذلك حاصلا بالعمل بالأحكام المعلومة بل ربّما يقال في منع حكم العقل بوجوب دفع المفاسد المحتملة بكفاية مجرّد احتمال جعل الشّارع لها ترياقا وإن لم يعرفه المكلف ولكنه كما ترى غير مانع من حكم العقل بالوجوب وبعبارة أخرى إنا إن قلنا باعتبار أصالة البراءة من باب الشّرع كشف ذلك عن وجود ترياق يتدارك به المفسدة اللاّزمة من العمل بالبراءة وإن قلنا باعتبارها من باب العقل فهو إنّما يحكم بها بعد منع وجوب دفع الضّرر المحتمل ولا يكفي فيه مجرّد احتمال ما ذكرناه (قوله) والظاهر أنّ المراد به إلخ حاصله أن عرض الشّارع من التّكليف هو إطاعة ما أمر به أو نهى عنه لا مجرّد وقوع المأمور به وعدم وقوع النّهي عنه ولو من باب الاتفاق والإطاعة في التعبديّات هي الإتيان بالمأمور به من حيث إنّ الشّارع أمر به وهو معنى القربة المعتبرة فيها ولا شك أن هذا المعنى لا يمكن إلا مع العلم بالأمر وأمّا في التوصّليات فهي الإتيان بالفعل المأمور به في الخارج مع القصد إلى إيقاعه في الخارج وإن لم يكن بقصد امتثال ما أمره به بأن يوقع عقد البيع مع القصد إلى كونه من الأسباب النّاقلة شرعا وإن لم يكن الإتيان به بقصد أنه ممّا أمر الله به حتّى يترتب عليه الثّواب ولا ريب في عدم القدرة أيضا على الإتيان بالمأمور به كذلك مع عدم العلم بالأمر وبالجملة أنّ مجرّد صدور الفعل المأمور به من باب الاتفاق لا يوجب الإطاعة كما أنّ صدور تركه كذلك لا يوجب المخالفة وسقوط التكليف في بعض الموارد بفعل الغير كما في دفن الميّت وأداء الدّين من غير المديون إنّما هو من جهة سقوط أصل التّكليف بفعل الغير لأجل حصول الغرض لا من جهة حصول الإطاعة(قوله) مدفوع بأنّه إن قام دليل إلخ حاصله أنّ الغرض من التّكليف هو امتثاله فلو جاز التّكليف بالمجهول فلا بدّ أن يكون الغرض منه امتثاله مطلقا ولو في حال الجهل ولا ريب أنّ الامتثال التّفصيلي في حال الجهل متعذر كما أسلفناه في الحاشية السّابقة وأمّا الامتثال الإجمالي بالإتيان بالفعل بداعي احتمال الأمر في الواقع فإن قام دليل على وجوب ذلك في التكاليف المجهولة أغنى ذلك عن الأمر الواقعي لكون الغرض المقصود من الأمر الواقعي حاصلا بهذا الأمر الظاهري وإن لم يقم على وجوبه دليل فمجرّد التكاليف الواقعيّة المشكوكة لا تنفع في تحصيل هذا الغرض لأنّه لو جاز التكليف بالمجهول كان الغرض منه حمل المكلّف عليه وإتيانه به مطلقا ولو مع الجهل به لأنّ ظاهر التكليف حيث ثبت كون المقصود منه إتيان المكلّف بالمكلّف به على الحال التي وقع عليها فالتكليف المشكوك بنفسه لا يفيد الغرض المذكور والحاصل أنّه مع فرض عدم قيام دليل على وجوبه فغاية ما يترتب على الأمر الواقعي المحتمل هو الإتيان بالفعل أحيانا من باب الاتفاق أو لداعي احتماله لا لداعي إطاعته التّفصيلية وهو غير مجدّ في تحصيل الغرض المقصود منه من حمل المكلف على الإتيان بالمكلف به مطلقا وهو واضح هذا ويمكن أن يقال بورود جميع ما ذكره فيما ثبت وجوب الاحتياط فيه كما لو تردّد الواجب بين الظّهر والجمعة أو بين القصر والإتمام في بعض الموارد إذ يمكن أن يقال هنا أيضا أن التكليف بالمجهول لو جاز كان الغرض منه امتثاله مطلقا والامتثال التفصيلي متعذّر والإجمالي إن قام على وجوبه دليل أغنى هذا الدّليل عن التكليف الواقعي وإلاّ فمجرّد التكليف الواقعي لا ينفع في تحصيل الغرض المذكور بل يمكن إجراء هذا الكلام في جميع موارد إمكان الاحتياط سواء كانت الشّبهة بدوية أم مشوبة بالعلم الإجمالي إذ ما ذكر من الوجه يمنع إمكان الاحتياط لا وجوبه مع أنّ دعوى إغناء الأمر الظاهري بالاحتياط عن الأمر الواقعي متضحة الفساد لوضوح عدم إغناء شيء منهما عن الآخر أمّا عدم إغناء الأوّل فلكون إمكان الاحتياط متفرّعا على احتمال التكليف الواقعي وأمّا عدم إغناء الثّاني فلأنّه إنّما يسلّم مع إمكان تحصيل الواقع بالعلم التّفصيلي وأمّا مع عدمه كما في محل الفرض من موارد أصالة البراءة لفرض عدم إمكان تحصيل العلم بالواقع فيها تفصيلا فلا يكون الأمر بالاحتياط فيه مغنيا عن الواقع لا محالة (قوله) لأنّ الثّابت بها إلخ يرد عليه مضافا إلى ما أورده المصنف رحمهالله عليه منع جريان استصحاب البراءة في مورد قاعدتها لكون الشّك في التكليف علة تامة لحكم العقل بعدم التكليف في مقام الظاهر وحينئذ لا يبقى شكّ فيه حتّى يجري استصحاب البراءة وحينئذ تكون قاعدة البراءة حاكمة على استصحابها نظير حكومة قاعدة الاشتغال بالنّسبة إلى استصحابه اللهمّ إلاّ أن يقال بكون التمسّك بالاستصحاب في المقام مبنيا على الغضّ عن حكم العقل بقبح التّكليف بلا بيان أو على ظاهر المشهور من كون اعتبار البراءة من باب الاستصحاب (قوله) اللوازم المجعولة الشّرعية إلخ لأنّ قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشّكّ ليس المراد به النّهي عن نقض اليقين بالشّكّ لانتقاضه به قهرا بل المراد به على ما سيجيء في محلّه الحكم بالالتزام ببقاء المتيقّن السّابق في زمان الشّكّ إذا كان المستصحب حكما شرعيّا وببقاء الآثار الشّرعيّة المرتّبة على المتيقن السّابق إن كان من الموضوعات الخارجة مثل حياة زيد لأنّ المقصود من استصحاب وجوده هو ترتيب الأحكام المرتبة على وجوده في زمان اليقين به في زمان الشك فيه مثل الحكم بوجوب نفقة زوجته وعدم انتقال ملكه إلى الوارث ونحوهما ولذا لا يجري الاستصحاب في الموضوعات الّتي لا تترتب عليها أحكام شرعيّة مثل استصحاب حياة جنّ معهود مثلا والمستصحب فيما نحن فيه هي براءة الذّمة من التكليف وعدم المنع من الفعل وعدم استحقاق العقاب عليه والمقصود من استصحاب هذه الأمور هو القطع بعدم ترتب العقاب على الفعل أو ما يستلزم ذلك كإثبات الإذن والترخيص من الشّارع في الفعل كما صرّح به المصنف ره والقطع بعدم ترتّب العقاب على الفعل ليس من اللّوازم الشّرعيّة للأمور المذكورة وكذلك الإذن والترخيص فإنّه وإن كان من الأمور الشّرعيّة إلاّ أنّه ليس من لوازم الأمور المذكورة بل من مقارناتها على ما حقّق به المقام ولا هو موردا للاستصحاب لعدم توجّه الخطابات الشّرعيّة إلى المجنون والصّبيّ فكما أنّه لا وجوب ولا تحريم في حقّهما كذلك لا استحباب ولا كراهة ولا إباحة أيضا في حقّهما حتّى يستصحب شيء منها نعم استصحاب عدم المنع مثلا الثّابت في حال الصّغر والجنون إلى زمان