فصل
ينقسم المجتهد
الى مطلق ومتجزّى قالوا والمراد بالمجتهد المطلق من له ملكة تحصيل الظّنّ فى جميع
الأحكام والمتجزى من له ملكة البعض خاصّة ويشكل تعذّر تحصيل الظّنّ فى جميع
الاحكام عادة لقصور الأدلّة احيانا فالأولى ان يقال بجملة من الأحكام يعتدّ بها اذا عرفت ذلك نقول امّا المجتهد المطلق فلا ريب فى انّ
ظنونه الذى ادّى نظره الى حجّيتها حجّة فى حقه وحق مقلّديه مع وجود ساير الشّرايط
وهو اجماعىّ بل ضرورى ويدلّ عليه مضافا الى ذلك العقل والنّقل امّا الأوّل فلانّ
انسداد باب العلم المعلوم بالوجدان وبقاء التّكليف بالأحكام المعلوم بالضّرورة
يوجبان عقلا جواز تعويل العالم على ظنّه بالبيان الّذى سلف وتعويل غيره عليه دفعا
للتّكليف بما لا يطاق وامّا النّقل فلقوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وتفسيره فى جملة من الأخبار بالائمة (ع) لا ينافى عمومه
لجوازان يكون ذلك من باب بيان الفرد الأكمل والاظهر دون التخصيص وقوله جل اسمه انّ
الّذين يكتمون ما انزلنا من البيّنات الاية فانّ ترك الكتمان يتحقّق بابراز الحكم
بطريق الفتوى والزّاوية ووجوبه يدل على وجوب القبول والّا لكان هذرا وعبثا وقوله
تعالى (فَلَوْ لا نَفَرَ
مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ) الى قوله (وَلِيُنْذِرُوا
قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فانّ الانذار كما يكون بطريق الرّواية كذلك يكون بطريق
الفتوى واطلاقه يدلّ على مقبوليّته بالوجهين ولا يقدح عدم حجّية الأول فى حق
العامى والثّانى فى حق المجتهد لخروجه بالاجماع وغيره فيبقى الاطلاق سليما فى
الباقى وقد تقدّم الكلام فى هذه الايات وكالأخبار الدّالّة على ذلك منها قول ابى جعفر (ع) لابان بن تغلب اجلس فى مسجد الكوفة
وافت النّاس فانى احيب ان يرى فى شيعتى مثلك وعن الصّادق عليهالسلام من علّم خيرا فله اجر من عمل به قلت فان علّمه غيره
يجرى ذلك قال ان علم النّاس كلّهم جرى له قلت فان مات قال وان مات فانّه بعمومه
يتناول الفتوى والرّواية وعن الرّضا عليه لسّلم يقال للفقيه يعنى يوم القيمة يا
ايّها الكافل لايتام ال محمّد (ص) الهادى ضعفاء محّبيهم ومواليهم قف حتى نشفع لكلّ
من اخذ منك او تعلّم منك فيقف فيدخل الجنّة ومعه فئام وفئام وفئام حتى قال عشرا
وهم الّذين اخذوا عنه علومهم واخذوا عمّن اخذ عنه الى يوم القيمة فانه كسابقه يعمّ
الأخذ بطريق الفتوى والرّواية لكن يشكل بانّ تعميمها الى الفتوى يستلزم جواز تقليد
الأموات كما يدلّ عليه قوله (ع) عمّن اخذ عنه الى يوم القيمة وهذا غير مرضىّ عند
الاكثر ويمكن دفعه بانّ المراد من اخذهم عمن اخذ ما يعمّ الفتوى والرّواية وتعليم
كيفيّة الاستنباط يتخصّ الأخذ بالفتوى بحال الحيوة جمعا بينه وبين الوجوه الاتية
فى محلّها وفى مقبولة عمر بن حنظله انظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر فى
حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فلترضوا به حكما فانى قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم
بحكمنا فلم يقبل منه فانّما يحكم الله استخفّ وعلينا رد والرّاد علينا رادّ على
الله وهو على حدّ الشّرك بالله بناء على تعميم الحكم الى ما يتناول الفتوى ولا
ينافى ذلك ورودها فى مقام المنازعة لانّ المتداعيين قد يتفقان فى الموضوع ويختلفان
فى الحكم من غير بصيرة فيكتفيان بالفتوى من غير حكومة وقريب منها رواية ابى خديجة
قال بعثنى ابو عبد الله (ع) الى اصحابنا فقال قل لهم ايّاكم اذا وقعت بينكم او
دعوى خصومة او تدارى بينكم فى شيئ من الأخذ والعطاء ان تحاكموا الى احد من هؤلاء
الفسّاق اجعلوا بينكم رجلا