فيكون مورد المطلوبيّة والمبغوضيّة واحدا شخصيا مع انّ الدّليل المذكور يشتمل على الخلل من وجوه أخر [الوجه] الثاني : لو لم يكن تعدد الجهة مجديا فى اجتماع الأمر والنّهى لما صحّ ان يتّصف شيء من العبادات بالكراهة والتّالى باطل بيان الملازمة انّه لا مانع من الاجتماع الّا التّضاد وهو لا يختصّ بالوجوب مع الحرمة بل ياتى فيه وفى الندب مع الكراهة ايضا فانّ الاحكام الخمسة كلها متضادة فكما يعتدّ فى العيادة المكروهة بتغاير جهتها حيث انّ رجحانها من حيث الذّات ومرجوحيتها من حيث الخصوصيّة فليعتدّ به فى المقام ايضا لظهور ان هذا القدر من التغاير ثابت فيه فتعين القول فيه بالجواز ايضا فانّ ضدّية الحرمة للوجوب كضدّية الكراهة له وللنّدب والجواب : انّ الكراهة ان فسّرت بمعنى مطلوبية التّرك مع عدم المنع من الفعل فلا نسلّم اتّصاف شيء من العبادات بها لامتناعه عقلا والنّص الدّال عليه مؤول والاجماع المدّعى عليه ممنوع وان فسّرت بمعنى آخر او وصف بها امر خارج عن العبادة ارتفع التنافى بينها وبين مطلوبيّة الفعل فلا يكون فى اجتماعها معها دلالة على المطلوب وقد يستدلّ على امتناع اتصاف العبادة بالكراهة بالمعنى الأول بانّها لو اتصفت بها فلا يخلو امّا ان يترجّح فعلها على تركها او ترجح تركها على فعلها او يتساويا فعلى الأول لا يتحقق الكراهة وعلى التقديرين الآخرين لا يكون المفروض عبادة لزوال الرّجحان الذى به قوام العبادة لعدم التّمكن من قصد القربة بها لعدم تربتها عليها والّا لامتنع الحكم بزوال رجحانها لأنّ جهة كونها مفيدة للقرب اليه تعالى جهة حسن لا يكافئها ما عداها من الجهات مع مشاركة الثانى منها للاول فى استلزامه عدم الكراهة وقد ذكر القوم فى معنى الكراهة فى العبادات وجوه والتحقيق على القول بتعلق الاحكام بالطّبائع من حيث هى ان يقال العبادة المكروهة مشتملة على جهتين إحداها راجحة ومطلوبة الوجود يترتب على فعلها الثواب والقرب مطلقا وهى ماهيّة الصلاة مثلا والاخرى مرجوحة مطلوبة الترك لا يترتب على تركها الثواب والقرب مطلقا وهى ماهيّة وقوعها فى مكان او زمان مخصوص مثلا فان كانت العبادة مما لها بدل جازان يكون جهة المرجوحيّة اقل من جهة الرجحان بل قد يتعين كما فى الواجبات المكروهة وان تكون مساوية او ازيد وامّا فى ما لا يدل لها فتلتزم برجحان جهة المرجوحيّة على جهة الرجحان ولو غالبا فيكون الثواب والقرب المترتبان على الترك اكثر من الثّواب والقرب المترتّبين على الفعل لا انّ الفعل على تقدير وقوعه خلوّ عنها بالكلّية وينزّل عليه تركهم (ع) لها ونهيهم (ع) عنها او يقال انّ الكراهة بالمعنى المصطلح عليه يشتمل على رجحان الترك ومطلوبيّة ومرجوحيّة الفعل وهذه الامور مشتركة عند التحقيق بين مكروه الرّاجح من الواجب والمندوب وغيره الّا انّ مرجوحيّة الفعل فى مكروه غير الراجح ماخوذة بالنّسبة