بالوصف اللازم باعتبار هذا الوصف واما الاخير فلانه ليس التفقه فى اللغة الا بمعنى التعلم اى نحو كان حيث ان الفقه لغة بمعنى الفهم المفسّر بالعلم فالتفقه فى الآية يتناول تحمل السّنة والخبر الاصطلاحى وان قلت ان المقصود بالتفقه هو تحصيل الخبرة والبصيرة فى الدّين من مشاهدة آيات الله سبحانه وغلبة المسلمين على الكافرين وسائر ما يتفق فى محاربة المسلمين مع كمال قلتهم مع الكفار من آيات عظمة الله وقدرته فيخبروا بذلك عند رجوعهم الى الفرقة المتخلّفة الباقية فى المدينة كما حكى التّفسير به عن الحسن ويرشد اليه كون الآية فى آيات الجهاد فالتفقه فى الآية لا يعم تحمل السّنة والخبر الاصطلاحى قلت تحقيق المقام انّه يحتمل فى الآية معان اربعة حيث ان المراد بالنفر فى قوله سبحانه لينفروا وقوله سبحانه نفر امّا النفر للجهاد او النّفر لطلب العلم (١) وعلى الاوّل اى على تقدير كون المراد بالنّفر فى الموضعين هو النفر للجهاد اما ان يكون المقصود كون المنذرين هم النّافرون للجهاد او يكون المقصود كون المنذرين هم المتخلّفون فتارة يكون المعنى وما ينبغى للمؤمنين ان ينفروا للجهاد كافة فهلا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة الى الجهاد واقام الطائفة ليتفقه النافرون ويشاهد واما يتّفق فى محاربة المسلمين مع الكفار من آيات عظمة الله سبحانه فينذروا اذا رجعوا قومهم المتخلفين بما عاينوه ليحذر القوم عن الكفر والنّفاق وقد اشار سبحانه قبل الآية الى حال المنافقين مرارا فالضمير فى قوله سبحانه ليتفقهوا وينذروا وقومهم ويرجعوا راجع الى الطّائفة النافرة والمقصود بالقوم هو الطّائفة القاعدة وهذا الوجه هو المقصود بالسّئوال المذكور واخرى يكون المعنى وما ينبغى للمؤمنين ان ينفروا الى الجهاد كافة فهلا نفر من كل فرقة طائفة الى الجهاد واقام طائفة ليتفقه الطّائفة القاعدة بتحصيل الاحكام الشرعيّة وينذروا قومهم اذا رجع القوم لعلّهم يحذرون عن المعاصى فالضّمير فى قوله سبحانه ليتفقّهوا وينذروا قومهم راجع الى الطّائفة القاعدة وفى رجعوا راجع الى القوم والمقصود بالقوم هو الطّائفة النافرة وثالثة يكون المعنى وما كان للمؤمنين اى ما كان متيسّرا لهم او ما ينبغى ان ينفروا جميعا الى طلب العلم فلو لا نفر من كلّ فرقة طائفة ليتفقهوا فى الدّين بطلب العلم ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون عن المعاصى فمرجع الضّمائر الاربعة فى ليتفقهوا وينذروا وقومهم ورجعوا هو الطّائفة النافرة والمقصود بالقوم هو الطّائفة القاعدة ورابعة يكون المعنى وما كان ينبغى للمؤمنين ان ينفروا جميعا الى الجهاد فلو لا نفر ايضا من كلّ فرقة طائفة ليتفقّهوا فى الدّين بطلب العلم فينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون عن المعاصى فمرجع الضّمائر هنا هو المرجع فى السّابق والمقصود بالقوم هو المقصود به فى السّابق والفرق هو كون النّفرين فى السّابق علميين وهاهنا النفر فى ليتفقهوا جهادى وفى نفر علمى والآية سابقها من الآية بل اكثر الآيات السّابقة عليها بل الآية اللّاحقة لها فى باب الجهاد وارتباط الآية مع سابقها على الوجهين الاوّلين بل الوجه الاخير من المعانى المذكورة ظاهر واما على الوجه الثالث فربما يقال ان الارتباط من جهة اشتراك الجهاد وتحصيل العلم فى الاحتياج الى السّفر حيث ان الجهاد كما يحتاج الى المسافر كذا طلب العلم يحتاج اليها امّا فى زمن النبىّ صلىاللهعليهوآله فبالاضافة الى من لم يكن حاضرا عنده وامّا فى غيره ففى الأغلب حيث انّ طلب العلم لاغلب الاشخاص موقوف غالبا على المسافرة لكن الوجه الاوّل من المعانى المذكورة خلاف الظاهر حيث ان الظّاهر من تعليل النّفر بالتّفقه كون التفقّه غاية للنّفر مع انّ غاية النّفر للجهاد استيصال الكفار والتفقّه لو لم يمنع عنه الاشتغال بالحرب انّما هو من فائدة الحرب لا غايته وايضا كون المقصود بالتفقّه هو مشاهدة آيات قدرة الله سبحانه ممّا يظهر فى محاربة المسلمين مع الكفّار خلاف الظاهر وامّا الوجه الثّانى فمخالفته للظّاهر اشدّ حيث ان الظّاهر كون التفقّه والانذار علّة لنفر الطّائفة (٢) لا قعود الطّائفة القاعدة كما هو الحال على فى هذا الوجه مع انّه على هذا الوجه لا يكون مرجع الضّمائر فى ليتفقّهوا وينذروا مذكورا وهو خلاف الظّاهر على انّ المؤمنين لم يكونوا باسرهم حول النّبى صلىاللهعليهوآله حتى يتفق التفقّه للقاعدين منهم فربما يكون الطّائفة القاعدة من اهل القرى والبوادى مساكين فى منازلهم ولا يتاتّى له التفقّه وامّا الوجه الاخير فهو يقتضى كون النّفر فى ينفروا جهاديا وفى نفر علميّا وهو خلاف الظّاهر فان الظّاهر اتّحاد النّفرين وبالجملة فعن النيسابورى نقل التفسير بالوجه الثالث عن الاكثر بل عليه يبتنى استدلال الاكثر بل هو الظّاهر بل لو قلنا بكونه خلاف الظاهر لانّه فى تلو آيات الجهاد بل قيل لما نزل فى المتخلفين عن الجهاد ما نزل فكان المؤمنون عند زمان سنوح سانحة الجهاد ينفرون كافة
__________________
(١) او المراد بالنفر فى الاوّل النفر للجهاد وفى الثانى النفر لتحصيل العلم
(٢) النافرة