انّ مرجع ما ذكره من الاستدلال الى بطلان التّكليف بغير المقدور فيكون النّزاع جاريا على الوجه الأوّل ومن متفرعات التّكليف بالمحال وهذا كما ترى بعيد نعم يمكن تصويره مرتّبا على تلك المسألة بانّه بعد معلوميّة عدم صحّة التّكليف بانّه ممتنع ذاتا او ممكن وممتنع بالغرض وذلك لأنّ الجواز في عنوان البحث يمكن ان يراد منه الإمكان الذّاتي مقابل الممتنع بالذّات وبالعرض بمعنى انّه ممكن وقوعه بلا ترتّب محذور اصلا فلو كان المراد المعنى الأوّل يمكن جعله مقابلا للمسألة الأولى ولكنّه كما تراه ابعد واشار اليه المض بقوله وكون الجواز في العنوان بمعنى الإمكان الذّاتى بعيد عن محلّ الخلاف بين الأعلام قوله نعم اقول هذا اشارة الى تحرير النّزاع على الوجه الثّالث قوله : وقد عرفت اقول هذا تصوير للنّزاع على الوجه الثّاني ويكون مرجعه الى الوجه الثّالث قوله الحق انّ الأوامر والنّواهى يكون متعلّقة بالطّبائع دون الأفراد اقول وليعلم انّه وان تكرّر من القوم ذكر الإجماع على انّ مادّة الأمر والنّهى حقيقة في الطّبيعة وانّ المصادر المجرّدة عن اللام والتّنوين بمعناها الطّبيعة اللّابشرطيّة وهذا وان كان ربّما يتوهّم التّنافي بينها وبين القول يكون متعلّقها هو الأفراد دون الطّبائع الّا انّ الأمر ليس كذلك لامكان ان يقال بانّ الطلب والبعث من القرينة الواضحة على ارادة الأفراد دون الطّبيعة وايضا لم يرد القائلون بتعلّقها بالأفراد خصوص الجزئيّات الحقيقيّة الخارجيّة بعد وجودها في الخارج لبداهة انّها بوجوداتها مسقطة للامر لا مقتضية لوجوده وطلبها كذلك انّما مرجعه الى تحصيل الحاصل بل اراد وانّ متعلّقها انّما هو الطّبيعة الخاصّة المحفوفة باصل المشخّصات فالخصوصيّات المحفوفة بها تكون من متعلّق الأمر لا خارجة عنه وسيشير اليه المصنّف وليعلم ايضا انّ جماعة من الأصوليّين ذهبوا الى القول بكون متعلّقها الأفراد دون الطّبيعة زعما منهم انّ الكلّى الطّبيعى ليس له وجود في الخارج فلا يكاد يتعلّق به الأمر فلا بدّ ان يكون متعلّقا بما له وجود في الخارج وهو الأفراد ولا باس بالإشارة الإجماليّة الى بطلانه فنقول اعلم انّ الكليّة اعنى هذا الوصف من المعقولات الثّانية وليست من الأعراض الخارجيّة وانّما يعرض للمفهوم والموجود في الذهن دون الخارج وانّما يتّصف المفهوم بها ايضا في الذهن فيكون الذّهن ظرف العروض والاتّصاف معا وانّما الموجود في الخارج هو الطّبيعة الّتى ينطبق عليه هذا المفهوم ومعنى صدق المفهوم على الكثيرين انّه اذا جرد النّظر من خصوصيّات الأشخاص فما يبقى بعد القائها ليس في ظرف التّصور الّا ذلك المفهوم فهو يصدق على الكثيرين اى الأفراد الموجودة في الخارج اذ المفهوم منها بعد اهمال التشخّصات شيء واحد اذا عرفت ما ذكرنا نقول انّه لا شبهة في انّ الأفراد موجودات في الخارج ولا اشكال ايضا في انّها ليست الّا الطّبائع الخاصّة فلا محالة يكون الطّبائع ايضا موجودات