يقال انّ الوضع للجزئيّات يستلزم احضار ما لا يتناهى
[الأمر] الثّالث : لا يخفى عليك انّ الجزئ معناها كونها ممتنعة الصّدق على الكثرة والمعنى منه ان لا يكون قابلا للتّعدد الفردى كما انّ الكلّى قابل للتّعدد الفردى اى يكون فردا واحدا وإن كان قابلا لتوارد الحالات الكثيرة الّتى لا ربط لها بفرديّته على ما عرفت في العلم الشّخصى فزيد مع جزئيّته يختلف حالاته من كونه في هذا المكان او ذاك المكان او جاهلا او عالما او باكيا او ضاحكا او قائما او جالسا الى غير ذلك من الحالات الكثيرة المعتورة عليه ويكون زيدا في جميع تلك الواردات بلا خدش في جزئيّة وذلك واضح ولكنّه قد يؤخذ مع حال واحد بحيث لا يمكن توارد الحالات الأخر فيكون خاصّا من تلك الجهة ايضا فنقول ح البصرة بوجودها الخاص الواحد الغير الصّادق على البلدان الأخر مع كونها ذو اجزاء يكون نحو زيد في كونه علما شخصيّا جزئيا حقيقيّا خارجيّا وكذلك السّير منه المنتهية الى الكوفة يكون شخصا خاصّا من السّير والنّسبة الخاصّة الحاصلة من ملاحظة السّير والبصرة ايضا جزء حقيقى بمعنى انّه لا تعدّد لهذه الحالة الخاصّة ولا يصدق في الخارج على المتعدّد حيث انّ الملحوظ في تشخّصه هو كون مبدأ السّير البصرة بوجودها الخاص فكلّ جزء من اجزاء البصرة بلحاظ انّه البصرة موجود بوجود واحد ولا يكون متعدّدا بل وجوده عين وجود الكل وهو وجود البصرة والنّسبة الحاصلة في كلّ جزء جزء بلحاظ انها البصرة وجود واحد خاص والنّسبة الحاصلة فيها بملاحظة السير الخاص نسبة واحدة غير متعددة اصلا فامكان وجود السّير بانحاء مختلفة لا يضرّ بوحدة الحالة الحاصلة هنا غايته انّه كالحالات الواردة على وجود خاصّ شخصى فيكون كلمة من في جميع الاستعمالات مستعملة في المعنى الخاص الجزئى الحقيقي فما قد يتوهّم من انّها كثيرا ما تكون مستعملة في المعنى الكلّى بحيث مال بعض المحقّقين الى انّ الموضوع له أعمّ من الجزئيّات الحقيقيّة والإضافيّة حيث قال ولا يجرى ما زعموه من كون الموضوع له جزئيّا حقيقيّا في كثير ممّا جعلوه من هذا القسم كالحروف فانّها وان وضعت عندهم لخصوص المعاني المتعيّنة بمتعلّقاتها الّا انّها مع ذلك قد يكون مطلقة قابلة الصّدق على كثيرين كما في قولك كن على السّطح وكن في البلد ونحوهما فانّ كلّا من الاستعلاء والطّرفيّة المتعيّنتين لمتعلّقاتهما في المثالين قد استعمل فيها لفظة على وفي لكنّهما مع ذلك صادقان على افراد كثيرة لا يحصى انتهى وفيه ما لا يخفى بداهة ان المستعمل فيه في جميع المقامات هو نفس المصاديق الخاصّة وليست الّا الجزئيّات الحقيقيّة وامّا الجزئيّة الإضافي فليس الّا المفهوم لا المصداق فلا يكاد بوضع يوضع واحد لذوات المصاديق والمفهوم الكلّى الخاص كما لا يخفى.
[الأمر] الرّابع : ظهر ممّا ذكرنا انّ المعانى الخاصّة الكذائيّة قابلة للاطلاق والتّقييد لأن الإطلاق يتحقّق مع الجزئى كما يتحقّق مع الكلّى ولهذه الجهة صحّ ان يقيّد امّا بنفسه او بتبع متعلّقه ولعلّه سيجيء توضيح ذلك فيما بعد انش.
[الأمر] الخامس : لا يخفى عليك انّ المفهوم من كلمة من