ودلالة الالتزام بارجاع دلالة التضمن الى دلالة الالتزام بدعوى ان دلالة المطابقة كما تستلزم الدلالة على لازم المعنى المطابقي كذلك تستلزم الدلالة على جزئه (وذلك) لما عرفت من ان الدلالة الالتزامية هو خطور لازم المعنى المطابقي فى الذهن بسبب خطوره سواء كانت الملازمة بين وجوديهما في الذهن كملازمة تصور العمي لتصور البصر ام في العين كملازمة الشعاع لعين الشمس ولهذا قلنا ان وصف الدلالة بالالتزام من باب وصف الشيء بحال متعلقه لا بحال نفسه وايدنا ذلك بشواهد وما ذكر لا يتم إلا على القول بكون الدلالة الالتزامية عبارة عن الدلالة الملازمة لدلالة اخرى أعم من ان يكون مدلولها جزء مدلول الدلالة الاخرى أو لازمه ولو كان هذا هو الملاك المصحح لاطلاق الدلالة الالتزامية على الدلالة الملازمة لدلالة أخرى لصح أن يعبر بها عن دلالة المطابقة ايضا لتحقق هذا الملاك فيها بطريق اولى لما اتفق عليه من لزوم دلالة المطابقة للدلالة الالتزامية ولا عكس ولا يلتزم بذلك أحد وحينئذ لم يبق فى المقام ما يوجب اختصاص الدلالة على الملزوم باسم المطابقة إلا انصاف المدلول بالمطابقة لما يكون فانيا فيه اعني المدلول بالعرض واذا كان هذا الوصف هو المصحح لتوصيف الدلالة بالمطابقة فى دلالة اللفظ على الملزوم فليكن المصحح لتوصيف دلالة الالتزام بالالتزامية هو كون مدلولها لازما للمعنى المطابقي (وعليه) يصح تثليث القسمة فى الدلالة على ان تثليث القسمة اصطلاح ومع وجود ما يصححه كما اشرنا اليه لا وجه للعدول عنه (وقد يستدل) على انتفاء دلالة التضمن ايضا بان المدلول المطابقي هو المفهوم وهو امر عقلاني بسيط وان كان مطابقه فى الخارج مركبا (وفيه) ان المراد بجزء المدلول فى دلالة التضمن هو جزء المدلول بالعرض لا جزء مدلول اللفظ بالذات اعني به المفهوم.
(فتحصل) من جميع ما تقدم أن دلالة التضمن هو انتقال الذهن من تصور المدلول المطابقي الى تصور جزء مطابقه فلو انتقل الذهن الى تصور المعنى المطابقي ولم ينتقل الى جزء مطابقه لتحققت دلالة المطابقة بلا نضمن (ولكن) قد يظهر من بعض العبارات ان دلالة التضمن لازمة لدلالة المطابقة حيث يكون المدلول المطابقي مركبا وان لم ينتقل الذهن تفصيلا من تصور المدلول المطابقي إلى تصور جزئه بناء على ان الدلالة على الكل هي عين الدلالة على اجزائه إذ الاجزاء عين الكل