عاما والموضوع له خاصا وقد سبق بيان امتناعه وان العام بما هو عام يستحيل ان يكون مرآة للخاص بما هو خاص (وثانيا) انه اذا كان الموضوع له هي الخصوصيات المفصلة على هذا القول فلا يخلو حين الاستعمال اما ان تحضر في الذهن صورة واحدة ومعنى واحد حقيقة عند ما تسمع القائل يقول هذا زيد واما ان تحضر فى الذهن صورتان متماثلتان كما لو كررت ذكر زيد فعلى الأول يلزم من استعمال هذين اللفظين فى معنى واحد حقيقة اعني بهما لفظ ذا ولفظ زيد فى المعنى المزبور ما يلزم من استعمال لفظ واحد فى معنيين من اللوازم الباطلة في نظر من يحيل استعمال اللفظ المشترك فى اكثر من معنى والثاني خلاف الوجدان فانا لا نتصور من سماع قوله هذا زيد معنيين متماثلين كما نتصورهما من سماع قوله زيد زيد.
(ومن جميع ما ذكرنا) يتضح المتأمل ان المتعين للاختيار هو ما اخترناه في وضع اسم الاشارة فانه هو القول الجامع بين التبادر والقواعد العربية المانع من ورود شيء من المحاذير العقلية اما التبادر فلان السامع لشيء من اسماء الاشارة يتبادر الإشارة الخارجية عند تصوره لمعناه ولا ريب في ان الموضوع له على المختار يدل بالالتزام على الاشارة دلالة لفظ العمى على البصر مع خروجه عن معنى لفظ العمى قيدا وتقيدا واما القواعد العربية فلأنا قد التزمنا بخروج معنى الاشارة قيدا وتقيدا عن معنى اسم الاشارة والتزمنا بان الموضوع له اسم الاشارة هو الأمر المبهم المعروض للاشارة الواقعية فيكون معناه حصة من الأمر المبهم المقترنة بالاشارة ولو التزمنا بدخول التقيد بها في الموضوع له كما ذهب اليه في القول الثاني لاستلزم ذلك مخالفة القواعد العربية لانه لا ريب فى أن جميع اسماء الاشارة من الجوامد التي تكون مادتها بهيئتها موضوعة لمعناها فاذا كانت هيئة اسم الاشارة بعض اللفظ الموضوع لم يبق ما يدل على التقيد إلا نفس اللفظ الدال على المعنى الاسمي ولا ريب ايضا فى أن التقيد المزبور من المعاني الحرفية وعليه يلزم أن يكون لفظ واحد موضوعا لمعنيين متباينين في حد ذواتهما دالا عليهما بدلالة واحدة ومثل هذا الوضع وهذه الدلالة لم يعهد في القواعد العربية واما كونه مانعا عن ورود شيء من المحاذير العقلية فلان المختار في وضع اسم الاشارة يأبى بنفسه عن ورود المحاذير الواردة على غيره من الأقوال الاخرى كما اشرنا إليه فى ردهما (وبما ذكرنا)