خلف (وثالثها) أنه لا شبهة فى استعمال ادوات النداء والتشبيه والتمني والترجى والطلب ونحوها فى غير ما يكون نداء أو تشبيها أو تمنيا أو ترجيا او طلبا بالحمل الشائع بل تستعمل هذه الأدوات بداعى التشوق او السخرية او التودد او الحنين والتوجد او التعجيز والتهديد وغيرها من الدواعى الأخرى كما هو مذكور في محله (ولا ريب) فى أن الموجود بهذا الاستعمال لا يكون بالحمل الشائع فردا من افراد معنى من معاني هذه الأدوات فلا يكون استعمال أدوات النداء بداعي التشوق مثل قوله : (يا قمر التم الى م السرار) أو بداعي التوجد مثل قوله : (يا كوكبا ما كان أقصر عمره) نداء بالحمل الشائع بل يكون تشوقا أو توجدا بالحمل الشائع أو بداعي التعجيز مثل قوله تعالى : (كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) فلا يكون طلبا بالحمل الشائع بل يكون تعجيزا بهذا الحمل الى غير ذلك من موارد استعمال هذه الادوات بداع غير افادة ما وضعت له وعليه فاما أن يكون استعمال هذه الأدوات فى المعاني المزبورة بنحو المجاز وضرب من العناية وهو مما لا يقول به المفصل وإما أن يكون استعمال هذه الأدوات في هذه الموارد فى معانيها حقيقة ولكن بداعي أحد الامور المزبورة من التشوق والتوجد وغيرهما فيلزم أن يكون معانيها غير ما يوجد بها حتى فيما استعملت بداعي افادة ما وضعت له وهو المطلوب.
وان كان المراد من الايجادية هو ايجاد الربط بين المفاهيم الاسمية فى صقع نشأتها وحدوثها كما هو مراد من يدعي الايجادية فى المعاني الحرفية مطلقا (فهو ايضا) باطل لما تقدم من الدليل على بطلان دعوى الايجادية مطلقا بمعنى أن لا فرق في المعاني الحرفية وما يحذو حذوها من الاسماء في كونها معاني اخطارية بين كونها اخبارية مثل قولنا زيد في الدار وكونها انشائية مثل قولنا كان زيد اسدا (فان قلت) إنا نرى بالوجدان الصريح فرقا بين قولنا بعتك الدار مثلا وأنت حر على سبيل الاخبار وقولنا بعتك الدار وانت حر على سبيل الانشاء واذا فحصنا عن سر هذا الفرق لم نجد له منشأ إلا كون النسبة الخبرية الحكمية لها خارج تشير اليه وتحكي عنه وأن النسبة الانشائية ليس لها خارج تشير اليه غير نفسها الموجودة في صقع المفهوم واذا انتفى كون النسبة الانشائية حاكية عما وراء نفسها فقد انتفى كونها اخطارية وثبت كونها ايجادية لانحصار معنى اللفظ في هذين السنخين ولهذا صح