ولذا التجاء بعض الفحول الى القول بكون موضوع علم الاصول هو الأمر الذي تكون نتيجة البحث عن شيء من عوارضه واقعة فى طريق تعيين وظيفة المكلف في مقام العمل ومعه لا تشذ عن علم الاصول مسألة من مسائله كما هو واضح والتسمية غير مقومة الموضوع فلا ضير في أن لا يكون له اسم فيما نعلم (ولا يخفى ما فيه) فانه إن كان مراده بالأمر المزبور هو العنوان العام اعني الشيء وما يساوقه المشار به الى موضوعات مسائل علم الاصول فهو صحيح فى نفسه إلا أن كونه مشيرا اليها لا يستلزم أن يكون موضوعا للعلم لأنه أمر عرضي لموضوعات مسائل العلم كمفهوم الشيء المقيد بخصوصية من خصوصيات العلم بنحو يصح أن يشار به الى امور خاصة تشترك فيه عرضا وعليه تكون ارادة هذا المعنى التزاما بعدم الموضوع فى علم الاصول كما هو الحق (وان كان) مراده به الذاتي العام المقوم لموضوعات مسائل العلم فهو (اولا) غير معقول لتباين موضوعات مسائله تباينا ذاتيا فى جميع الذاتيات مثلا البحث عن حجية خبر الواحد بحث عن كون الخبر دليلا يعول عليه والبحث في مباحث الاصول العملية بحث عن اعتبار الأمر الفلاني في حال عدم الدليل ومن الضروري عدم الجامع الذاتي بين موضوعي البحثين وهكذا الامر في مبحث مقدمة الواجب ومباحث العموم والخصوص وقس عليها غيرها مما هو من سنخها كما لا يخفى (وثانيا) لو سلمنا وجود جامع ذاتي بين موضوعات المسائل لكان ذلك الجامع الذاتي جنسا لموضوعات المسائل لا محالة وعليه يلزم أحد أمرين إما كون العوارض المبحوث عنها فى العلم عوارض غريبة بالنسبة الى ذلك الجامع المفروض كونه موضوع العلم اذا اخذنا بمذهب المشهور في تفسير العرض الذاتي وإما تداخل العلوم التي يكون موضوع بعضها أخص من موضوع الآخر اذا أخذنا بمذهب غير المشهور في تفسير العرض الذاتي (فان قلت) يمكن التخلص من هذا الاشكال بما ذكرتم فيما سبق من جعل عناوين موضوعات المسائل حيثيات تعليلية مع الالتزام بمذهب المشهور في تفسير العرض الذاتي وحينئذ لا يلزم شيء من المحذورين وينطبق على موضوع علم الاصول المدعى التعريف المذكور لكلي الموضوع اعني موضوع كل علم هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية (قلت) لا يمكن الالتزام بكون جميع عناوين