مفهومه الى تصور الطلب الحقيقي بمرآة مفهومه فانيا فيه اذ لا يمكن تصور حقيقة الشيء الخارجي إلّا بتصور مفهومه فانيا فيه وعلى هذا يكون تصور مفهوم صيغة افعل موجبا لتصور مفهوم الطلب ودالا عليه بالالتزام وكما ان تصور مفهوم الصيغة يوجب تصور مفهوم الطلب كذلك التصديق بوجود حقيقة مفهومها خارجا بظهورها في ذلك او بسبب بعض القرائن يوجب التصديق بوجود الطلب خارجا بالدلالة الالتزامية (ومما ذكرنا اتضح) لك فساد ما قيل من ان مفاد الصيغة هو الطلب الانشائي الذي قد اشرنا الى معناه فيما سبق لما قد عرفت من ان صيغة افعل تدل على معنى نسبي ملحوظ نسبة بين مادتها والذات التي يرام صدورها منها والطلب الإنشائي بمعناه الاسمي لا يعقل ان يكون هو مفاد الصيغة وبمعناه الحرفي خلاف الوجدان
(ثم انه قد ظهر) مما بينا به حقيقة صيغة الامر حال باقي صيغ الانشاء من الترجي والتمني والتشبيه ونحوها من ان لها مفهوما فانيا فى مطابقه وحاكيا عنه ولو لم يكن ذلك المطابق ثابتا في الخارج كسائر المفاهيم الاسمية مثلا لعل تدل على الترجي المرتبط بالذات والمعنى المترجى وكان تدل على المشابهة بين المشبه والمشبه به فهذه الالفاظ تدل على هذه المعاني ولو لم يكن لها مطابق في الخارج على حد دلالة الالفاظ الاخرى مثل قولنا ضرب زيد فانها تدل على هذه المعاني التي تسبق الى الذهن عند سماعها مثلا فانية فى مطابقها ولو لم يكن ثابتا فى الخارج لا ان هذه الصيغ ينشأ بها معانيها فتكون هذه المعاني بعد انشائها بهذه الصيغ هي المفهوم وهي المطابق كما توهم ولا ان يكون معاني هذه الصيغ هو الترجي الانشائي والتمني الانشائي والتشبيه الانشائي كما قيل بمثل ذلك فى صيغة الامر من ان مدلولها هو الطلب الانشائي (وعلى ما اخترناه) من ان للصيغ والادوات المزبورة معاني تدل عليها دلالة الاسماء على معانيها يكون استعمالها في معانيها باي داع كان استعمالا حقيقيا وان لم يكن لها مطابق في الخارج نظير استعمال الجملة الخبرية في معناها حيث لا يكون لها مطابق فى الخارج فلا يكون كذبها بعدم وجود مطابقها في الخارج موجبا لكونها مجازا كذلك الصيغ والادوات المذكورة لا يكون استعمالها في معانيها مجازا حيث لا يكون الداعي اليه هو قصد شيء من مطابقاتها كالطلب الحقيقي في صيغة افعل او الترجي فى جملة الترجي او التمني فى جملة التمني او افادة المشابهة فى عبارات