الكفار لكنت أنا أول من يعبد ذلك الولد ، كما يعظّم خدام الملك ولد الملك لتعظيم أبيه ؛ ولكن ليس للرحمن ولد ؛ وما ينبغى له أن يتخذ ولدا ، فلا تعبد غيره.
وهذا نوع من الأدلة يسمّى دليل التلازم ، لأنه علّق عبادة الولد بوجوده ، ووجوده محال ، فعبادته محال. ونظير هذا أن يقول المالكى ـ إذا قصد الرد على الحنفى فى تحليل النبيذ : إن كان النبيذ غير مسكر فهو حلال ، لكنه مسكر فهو حرام.
قال الطبرى : هو ملاطفة فى الخطاب ؛ ونحوه قوله تعالى (١) : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ). قال ابن عطية : ونحوه قوله تعالى فى مخاطبة الكفار (٢) : (أَيْنَ شُرَكائِيَ) ـ يعنى فى زعمكم. وقد تكلم الزمخشرى هنا بزعمه الفاسد بما لا يليق ذكره للمبتدئ ؛ وأما المنتهى فيعلم فساد مذهبه ؛ ورضى الله عن ابن خليل السكونى فى ردّه عليه للتحرز منه ، عامله الله بلطفه.
(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)(٣) : قد قدمنا أن الله ذكرهم فى قوله (٤) : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ) ـ فى هذا التقديم (٥) إشعار بفضله صلىاللهعليهوسلم على من سواه.
وقيل : أولو العزم الثمانية عشر المذكورون فى الأنعام ؛ لقوله تعالى (٦) : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ). وقيل : كلّ من لقى من أمته شدة. وقيل : الرسل كلهم أولى عزم ؛ فمن الرسل على هذا البيان الجنس ، وعلى الأقوال المتقدمة للتبعيض.
__________________
(١) سبأ : ٢٤
(٢) القصص : ٦٢ ، ٧٤
(٣) الأحقاف : ٣٥
(٤) الأحزاب : ٧
(٥) فى قوله : ومنك ...
(٦) الأنعام : ٩٠