قال بعضهم : سمّى الله فى القرآن عشرة أجناس من الطير : السلوى ، والبعوض. والذباب ، والنحل ، والعنكبوت ، والجراد ، والهدهد ، والغراب ، وأبابيل ، والنمل ، والطير ؛ لقوله فى سليمان (١) : (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) ، وقد فهم من كلامها.
وأخرج ابن أبى حاتم عن الشعبى ، قال : النملة التى (٢) فقه سليمان كلامها كانت ذات جناحين ، ولإفراط إدراكها قالت هذا القول.
وروى أن سليمان عليهالسلام سمعه ، وكان بينه وبينها ثلاثة أميال ؛ وذلك أنها لا يسمعها البشر إلا من خصّه الله بذلك.
وروى أنه قال لها : لم قلت للنمل : (ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ)؟ أخفت عليها منى ظلما؟ قالت : لا ، يا نبى الله ، ولكن خشيت أن يفتنوا بما يرون من جمالك وزينتك ، فيشغلهم ذلك عن طاعة ربهم.
وقيل : إنها قالت : خفت عليهم من كثرة رؤية النعم ، فيكفرون بنعمة الله عليهم.
فتأمل إحساس البهائم وما لنا حسّ ؛ ملأنا بطوننا من الحرام ، فغلبت علينا سكرة المنام ، وتراكمت على قلوبنا سحائب المخالفة ، فادعينا الدعاوى الباطلة ؛ وعن قريب ينكشف السحاب ، فتهب علينا نسائم الأسف والحزن ، ونقول : يا حسرتنا على ما فرّطنا.
فبالله أيّها الأخ ، قم على قدم الاعتذار ، واكشف رأس الاستغفار ، وناد بلسان الاضطرار : ((٣) رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).
__________________
(١) النمل : ١٦
(٢) فى ا : النطق الذى ...
(٣) الأعراف : ٢٣