الوجه الثالث والثلاثون من وجوه إعجازه
ورود آيات مبهمة يحير العقل فيها
وقد أفرده بالتأليف السهيلىّ (١) ، ثم ابن عسكر (٢) ، ثم القاضى بدر الدين ابن جماعة (٣) ؛ ولى فيه تأليف لطيف ، وكان من السلف من يعتنى به كثيرا : ومرجعه للنقل المحض ، وسأذكر ما يسّر الله بعد أن تعلم أن للإبهام أسبابا :
[أسباب الإبهام]
أحدها : الاستغناء ببيانه فى موضع آخر ؛ كقوله : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) ؛ فإنه مبيّن فى قوله (٤) : (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ...) الآية.
الثانى : أن يتعين لاشتهاره ؛ كقوله (٥) : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ). ولم يقل حوّاء ؛ لأنه ليس له غيرها. ((٦) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ). فالمراد نمرود لشهرة اسمه ؛ لأنه المرسل إليه. وقد ذكر الله فى القرآن فرعون باسمه ولم يسم نمرود ؛ لأن فرعون أذكى منه ، كما يؤخذ
__________________
(١) السهيلى : هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلى ، صاحب الروض؟ الأنف؟ على سيرة ابن هشام. توفى سنة ٥٨١ ، واسم كتابه : التعريف والإعلام لما أبهم فى القرآن من الأسماء والأعلام (إنباه الرواة : ٢ ـ ١٦٢).
(٢) فى الإتقان : ابن عساكر.
(٣) هو محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة : بدر الدين ، من علماء الحديث ، واسم كتابه «غرر البيان لمبهمات القرآن» توفى سنة ٧٣٣.
(٤) النساء : ٦٩
(٥) البقرة : ٣٥
(٦) البقرة : ٢٥٨