أن تؤكد أمرا ، حتى جعلوا مثل (١) : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) ـ قسما ، وإن كان فيه إخبار بشهادة ، لأنه لما جاء توكيدا للخبر سمى قسما.
قال أبو القاسم القشيرى : وذلك لأن الحكم يفصل باثنين ، إما بالشهادة ، وإما بالقسم ، فذكر تعالى فى كتابه النوعين ، حتى لا تبقى لهم حجة ، فقال (٢) : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ). وقال (٣) : (قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ). وعن بعض الأعراب أنه لما سمع قوله تعالى (٤) : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ. فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ) صاح (٥) وقال : من الذى أغضب الجليل حتى ألجأه إلى اليمين.
ولا يكون القسم إلا باسم معظّم. وقد أقسم الله تعالى بنفسه فى القرآن فى سبعة مواضع : الآية المذكورة ؛ بقوله : (قُلْ إِي وَرَبِّي). ((٦) قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ). ((٧) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ). ((٨) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ). ((٩) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ). ((١٠) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ).
والباقى كله قسم بمخلوقاته ، كقوله : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ). (وَالصَّافَّاتِ). والليل. والشمس. والضّحى. فلا أقسم بالخنّس.
فإن قيل : كيف أقسم بما يخلق ، وقد ورد النهى عن القسم بغير الله؟
قلت : أجيب عنه بأجوبة :
__________________
(١) المنافقون : ١
(٢) آل عمران : ١٨
(٣) يونس : ٥٣
(٤) الذاريات : ٢٢ ، ٢٣
(٥) فى الإتقان : صرح.
(٦) التغابن : ٧
(٧) مريم : ٦٨
(٨) الحجر : ٩٢
(٩) النساء : ٦٥
(١٠) المعارج : ٤٠