قال : فإن قيل : ما وجه تكرار قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فى آيتين إحداهما فى أثر الأخرى؟
قلت : لاختلاف معنى الخبرين عما فى السموات والأرض ؛ وذلك أن الخبر عنه فى إحدى الآيتين ذكر حاجته إلى بارئه ، وغنى بارئه عنه ؛ وفى الأخرى حفظ بارئه إياه ، وعلمه به وبتدبيره.
قال : فإن قيل : أفلا قيل : وكان الله غنيا حميدا ، وكفى بالله وكيلا؟
قيل : ليس فى الآية الأولى ما يصلح أن تختم بوصفه معه بالحفظ والتدبير. انتهى (١).
وقال تعالى (٢) : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ).
قال الراغب (٣) : الكتاب الأول ما كتبوه بأيديهم المذكور فى قوله تعالى (٤) : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ). والكتاب الثانى التوراة. والثالث لجنس كتب الله كلها ؛ أى ما هو من شىء من كتب الله وكلامه.
ومن أمثلة ما يظن أنه تكرار وليس منه (٥) : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ...) الخ ؛ فإن لا أعبد ما تعبدون أى فى المستقبل ، ولا أنتم عابدون أى الحال ، ما أعبد فى المستقبل ، ولا أنا عابد أى فى الحال. ما عبدتم فى الماضى. ولا أنتم عابدون ؛ أى فى المستقبل. ما أعبد أى فى الحال.
__________________
(١) تفسير الطبرى : ٣ ـ ٢٩٧
(٢) آل عمران : ٧٨
(٣) المفردات : ٤٢٥
(٤) البقرة : ٧٩
(٥) الكافرون : ١ ، ٢