إلى الدّليل ، ومع ذلك انقسمت إلى القسمين اللّذين ذكرناهما ، فكذلك الفعل (١) على ما بيّناه.
وإذا ثبت ذلك ، وكان في أفعال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما ينبئ بظاهره عن الوجه الّذي وقع عليه ، فينبغي أن يستغني ذلك عن البيان ، وما كان فيه من أفعاله لا ينبئ بظاهره عن الوجه الّذي وقع عليه ، احتاج إلى بيان.
ونظير القسم الأوّل أنّه إذا روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى صلاة بأذان وإقامة جماعة ، علم بذلك أنّها واجبة ، لأنّ ذلك من شعار كون الصلاة واجبة دون كونها نفلا ، فما يجري هذا المجرى ممّا وضع في الشّرع لشيء مخصوص فلا يقع على غير ذلك الوجه ، فإنّه لا يحتاج إلى بيان.
ومثل ذلك أيضا : إذا شوهد النّبي عليهالسلام (٢) فعل فعلا في الصلاة على طريق العمد ، علم بذلك أنّ ذلك الفعل من الصلاة ، ولذلك قلنا : إنّه لمّا شوهد ركع ركوعين وأكثر من ذلك في ركعة واحدة في صلاة الكسوف علم أنّ ذلك من حكم هذه الصلاة ، ونظائر ذلك كثيرة.
وأمّا ما يقع من أفعاله عليهالسلام على وجه الإجمال ، ولا يعلم الوجه الّذي وقع عليه ، فنحو أن يرى عليهالسلام (٢) يصلّي منفردا لنفسه (٣) ، فإنّه يجوز أن تكون تلك الصّلاة واجبة ، ويجوز أن تكون ندبا ، فيقف العلم بوجهها على البيان.
وكذلك إذا قيل : أنّه توضّأ ومسح على رأسه (٤) ، احتمل أنّه فعل ذلك ببقيّة النّداوة ، واحتمل أن يكون بماء جديد ، فإذا قيل أنّه فعل ذلك ببقيّة النّداوة ـ على ما
__________________
(١) في الأصل : القول.
(٢) صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٣) بنفسه.
(٤) المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ١ : ٢١ ح ٦١ و ٦٢ ، صحيح البخاري : باب ٣٤ أبواب الوضوء ، ح ٤٩.