فصل ـ [١]
«في ذكر حقيقة النّسخ ، وبيان شرائطه ، والفصل بينه وبين البداء»
النّسخ في اللّغة يستعمل على وجهين :
أحدهما : بمعنى الإزالة ، كما يقال : «نسخت الشّمس الظّل» و «نسخت الرّيح آثارهم».
والآخر : بمعنى النّقل ، كما يقال : «نسخت الكتاب».
وذهب أبو هاشم (١) إلى أنّه حقيقة في الإزالة ، مجاز في النّقل ، قال : لأنّ من نسخ الكتاب لم ينقل ما فيه ، وإنما أثبت مثله ، فلمّا كان كذلك فيجب أن يكون مجازا.
والأولى أن يقال : إنّه حقيقة فيهما ، لأنّا وجدنا أهل اللّغة يستعملون ذلك ، لأنّهم يعتقدون أنّ ذلك نقل على الحقيقة ، وإن كان اعتقادهم فاسدا ، ويجري ذلك
__________________
(١) اختلف الأصوليون في الوضع اللغوي لاسم النّسخ على مذاهب :
١ ـ إنّه حقيقة في الإزالة ومجاز في النّقل ، وهذا مذهب الأكثرين ، وهو مختار أبي هاشم الجبّائي ، وأبي الحسين البصري ، وابن الهمّام ، والفخر الرازي.
٢ ـ إنّه حقيقة في النقل والتحويل ، وهذا مذهب القفّال الشاشي ـ من أصحاب الشّافعي.
٣ ـ إنّه مشترك بين معنى الإزالة والنقل ، وهذا مذهب القاضي أبي بكر الباقلّاني ، والقاضي عبد الوهّاب والغزالي وآخرون.
انظر : «الأحكام للآمدي ٣ : ٩٦ ، المعتمد ١٢ : ٣٦٤ ، تقريب الوصول : ١٢٢ ، أصول السرخسي ٢ : ٥٣».