وذلك كاف في النّكير.
وأيضا : فانّ المقلّد في الأصول يقدم على ما لا يأمن أن يكون جهلا ، لأنّ طريق ذلك الاعتقاد ، والمعتقد لا يتغيّر في نفسه عن صفة إلى غيرها ، وليس كذلك الشّرعيّات لأنّها تابعة للمصالح ، ولا يمتنع أن يكون من مصلحتهم تقليد العالم (١) في جميع تلك الأحكام ، وذلك لا يتأتّى في أصول الدّيانات.
[على أنّ الّذي يقوى في نفسي : أنّ المقلّد للمحقّ في أصول الدّيانات](٢) وإن مخطئا في تقليده ، غير مؤاخذ (٣) به ، وأنّه معفوّ عنه ، وإنّما قلنا ذلك لمثل هذه الطّريقة الّتي قدّمناها لأنّي لم أجد أحدا من الطّائفة ولا من الأئمّة عليهمالسلام قطع موالاة من سمع قولهم واعتقد مثل اعتقادهم ، وإن لم يسند ذلك إلى حجّة عقل أو شرع.
وليس لأحد أن يقول : إنّ ذلك لا يجوز لأنّه يؤدّي إلى الإغراء بما لا يؤمن أن يكون جهلا.
وذلك أنّه لا تؤدّى إلى شيء من ذلك ، لأنّ هذا المقلّد لا يمكنه أن يعلم ابتداء أنّ ذلك سائغ له ، فهو خائف من الإقدام على ذلك ، ولا يمكنه أيضا أن يعلم سقوط العقاب عنه ويستديم (٤) الاعتقاد ، لأنّه إنّما يمكنه أن يعلم ذلك إذا عرف الأصول وقد فرضنا أنّه مقلّد في ذلك كلّه ، فكيف يعلم إسقاط العقاب؟ فيكون مغرى باعتقاد ما لا يأمن كونه جهلا أو باستدامته.
وإنّما يعلم ذلك غيره من العلماء الّذين حصل لهم العلم بالأصول وسبروا أحوالهم ، وأنّ العلماء لم يقطعوا موالاتهم ولا أنكروا عليهم ، ولم يسغ ذلك لهم إلّا بعد العلم بسقوط العقاب عنهم ، وذلك يخرجه عن باب الإغراء.
وهذا القدر كاف في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) العلماء.
(٢) زيادة من النسخة الثّانية.
(٣) في الأصل : واجد.
(٤) فيستديم.