سبيلهم له في الحظر بدليل آخر ، كما يقوله أكثر خصومنا : إنّ قوله عليهالسلام «في
سائمة الغنم الزكاة» لا يجب أن يفهم منه دفع الزّكاة عمّا ليس بسائم ،
ومفارقة حاله لحال السّائمة ، بل يجوز أن يكون الحكم واحدا ، ويعلم في السّائمة
بهذا القول ، وفي غيرها بدليل آخر.
فإن
قيل : إنّ ذلك يجري
مجرى قول أحدنا لغيره : (لا تتّبع غير سبيل الصّالحين) في أنّه بعث على اتّباع
سبيل الصّالحين ، وألا يخرج عن ذلك.
قيل : القول في هذا المثال كالقول فيما تقدّم ، وظاهر
اللّفظ وإطلاقه لا يدلّ على وجوب اتّباع طريقة الصّالحين ويحثّ عليها ، وما يعلم
لا من حيث ظاهر اللّفظ خارج عمّا نحن فيه.
ولو أنّ أحدنا
قال بدلا من ذكر الصّالحين : (لا يتّبع غير طريقة زيد) لم يجب أن يفهم من إطلاقه
إيجاب اتّباع طريقته.
ولو لا أنّ
الأمر فيما تقدّم على ما قلناه دون ما ادّعاه السّائل ، لوجب فيمن قال لغيره : (لا
تضرب غير زيدا) ثمّ قال : (ولا زيدا) أن يكون مناقضا في كلامه ، من حيث كان قوله :
(لا تضرب غير زيدا) إيجابا لضربه وقوله : (ولا زيدا) حظرا لذلك.
وفي العلم
بصحّة هذا القول من مستعمله ، وأنّه غير جار مجرى قوله : (اضرب زيدا ولا تضربه)
دلالة على استقامة تأويلنا للآية.
ورابعها : أنه تعالى حذّر من مخالفة سبيل المؤمنين وعلّق الكلام
بصفة من كان مؤمنا ، فمن أين لخصومنا أنّهم لا يخرجون عن كونهم مؤمنين إذا خرجوا
عن الإيمان خرجوا عن الصّفة الّتي تعلّق الوعيد بخلاف من كان عليها؟
وليس
له أن يقول : لا يصحّ أن يتوعّد الله تعالى وعيدا مطلقا على العدول
__________________