وليس يخرج عن هذه الأقسام شيء من أفعاله الشّرعيّة.
فأمّا ما لا تعلّق له بالشّرع فلا طائل في ذكره.
ونحن نبيّن الطّريق إلى معرفة كلّ واحد من هذه الأقسام ، لأنّ معرفة طرقها تختلف.
أمّا الّذي به يعلم أنّ فعله بيان : فهو أن يعلم أنّ فعله تقدّمه ما يحتاج إلى بيان ، ويعدم هناك قول يمكن أن يكون بيانا له ، فيعلم حينئذ أنّ الّذي يمكن أن يبيّن ذلك به بيان ، وإلّا أدّى إلى عدم البيان مع الحاجة إليه.
ومنها : أن يعلم ثبوت ما يحتاج إلى بيان ، ونبّه على أنّ ما فعله بيان له بقول أو غيره.
وقد يعلم أنّ فعله تخصيص العموم ، بأن يقتضي رفع ما يقتضيه العام ، وقد تقدّم القول في ذلك.
وكذلك قد مضى القول فيما يكون من فعله نسخا في موضعه ، ويعلم أنّ فعله بيان على جهة الإباحة أو النّدب أو الوجوب بحسب ما يحصل لنا من العلم بالمبيّن ، لأنّا بيّنا أنّ بيان الشّيء في حكمه ، وقد مضى القول فيه.
وأمّا (١) ما به يعلم أنّ فعله امتثال : فهو أن يتقدّم علمنا بخطاب يقتضي وجوب ذلك الفعل عليه على الحدّ (٢) الّذي فعله ، فيعلم به أنّه امتثال للآية ، وكذلك القول إذا اقتضى النّدب أو الإباحة.
وأمّا ما يعلم به أنّ فعله ابتداء شرع : فهو أن يعلم عدم هذين الوجهين ، وأنّه ليس هناك قول يقتضي ما اقتضاه ذلك الفعل.
وأمّا ما يعلم به فعله من تركه ، والفصل بينهما ، وبين إقراره غيره على الفعل ، فالّذي يجب أن يعلم في ذلك حكم تركه وإقراره لأنّ ما عداه لا إشكال فيه.
__________________
(١) فأمّا.
(٢) وعلى الحدّ.