عنه عليهالسلام أنّه خلع نعله في الصّلاة فخلعوا نعالهم (١) وما شاكله (٢) ، لأنّ ذلك إنّما يدلّ على أنّ ما فعلوه حسن يجوز فعله ، ولا يدلّ على أنّه واجب لا يجوز خلافه.
واستدلّ بعضهم على ذلك بأن قال : إنّ الفعل آكد من القول ، لأنّه كان عليهالسلام إذا أراد تحقيق أمر فعل ذلك ليقتدى به ، كذلك فعل في غير شيء من المناسك ، والوضوء ، والصّلاة ، وغيرها ، فبأن يكون الفعل على الوجوب أولى.
وهذا يبطل بما قدّمناه ، لأنّ القول يقتضي أنه قد أراد منّا ما يقتضيه والفعل بخلافه ، وإنّما يكون فعله تحقيقا للأمر إذا وقع عقيبه فيقع موقع التّأكيد ، وأمّا إذا كان مبتدأ فلا يصحّ ذلك فيه.
واستدلّ بعضهم بأن قال : إنّ الوجوب أعلى مراتب الفعل ، فإذا أعدمنا الدّليل ، على أي حال فعله وعلى أيّ وجه أوقعه لزمنا التّأسّي به فيه ، فيجب أن نتّبعه على الوجه الّذي هو أعلى مراتبه.
وهذا كلام ليس تحته فائدة ، لأنّ كون الوجوب دالا على ما قاله لا يقتضي أنّ حالنا كحاله ، ولا أنّ ما فعله واجب علينا ، فما في ذلك ممّا يتعلّق به.
وأمّا من قال : إنّ فعله على النّدب أو الإباحة ، فقوله يبطل بمثل ما أبطلنا به قول من قال إنّه على الوجوب سواء ، فلا فائدة ليزداد القول فيه.
وهذه جملة كافية في هذا الباب ، والله الموفّق للصّواب.
__________________
(١) الحديث أخرجه أحمد بن حنبل ، وأبو داود ، والحاكم النيسابوري ، وابن حبّان ، والبيهقي (في سننه ٢ : ٤٣٢) في باب «المصلّي إذا خلع نعليه» من كتاب الصّلاة ، ولفظ الحديث عندهم : «روي أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خلع نعله في الصّلاة ، فخلع النّاس نعالهم ، ثمّ قالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا».
(٢) انظر استشهادهم بأخبار الآحاد في هذا الباب في المصادر الواردة في ذيل التّعليقة رقم (١) صفحة ٥٧٥.